اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 445
في لارسا:
لم تتخلف العاصمة الكبيرة الثانية "لارسا" عن ركب عصرها، فتوسعت في استخدام الكتابة لتسيجيل أغلب أمورها اليومية، شأنها شأن المدن المتحضرة في عصرها، ومن عقودها الطريفة الباقية وثيقة بين راعٍ وبين صاحب ماشية عهد إليه بتربية 446 رأسًا من الأغنام والماشية، فتعهد له من ناحيته بأن يعوضه عما يفقده منها، وأقسم على تعهده باسم ملك عصره "وردسين في الربع الثاني من القرن 18ق. م"، ثم وقع على الوثيقة بخاتمه ستة توقيعات، وشهد عليه فيها سبعة شهود، ثم أرخها الكاتب بعام بناء السور العظيم "وهو العام العاشر من حكم وردسين"[1].
ووثيقة أخرى، استأجر مالك بها عاملًا يُدعى "سين إشمائي" "أي سين إسمعني"، حولًا كاملًا، وحدد له فيها أجره السنوي ستة شواقل من الفضة، دفع له أربعة منها مقدمًا، وأشهد الكاتب عليه فيها ثلاثة شهود، ثم أرخها بيوم محدد وشهر محدد من العام الثلاثين لهزيمة إسين، على حد قوله[2].
وكان المتسبب في هزيمة إسين التي ذكرها هذا التاريخ هوريم سين ملك لارسا في العام التاسع والعشرين من حكمه، بعد فترة تنافس شديد بين أسرته الحاكمة وبين ملوكها، وكان انتصاره عليها حاسمًا مدمرًا لم يترك لها بعد غير استقلال داخلي ضئيل، وظل رجال دولته يؤرخون بذكره نحو ثلاثين عامًا[3].
وثمة لوحة تضمنت على وجهيها تمرينًا تعليسيًّا قام على أساس تدوين عدد من البنود القانونية التي يحتمل ردها إلى عصر إسين - لارسا، وإن صعب تحديد تشريعها[4]. ومنها أنه إذا ضرب رجل امرأة حرة فأجهضها [1] Th. J. Meek, Anet, 218 “Also Ajsl, Xxxiii, 203 F., No. 3”,. [2] Th. Meek, Op. Cit., 219 “P. Koschaker Und A. Ungand, Hammurabi Gesetz., Nr. 1676” [3] See, Anet, 219, N. 39. [4] Finkelstein, Jaos, 1966, 357 F.; Anet, 1969, 525-6, And 545,
بأس في الاستنارة برأي العقلاء من العامة في شئون القضاء، وكل من المبدأين مقبول، وكان ثانيهما معمولًا به في أقاليم مصر القديمة.
وروت التقاويم العراقية قصة طريفة عن تاسع ملوك إسين "إرا إميتي"، فذكرت أنه اختار بستانيًّا يُدعى "بعل ابني" واعتبره بديلًا له واطمأن إليه فرفعه على العرش وألبسه تاجه، ولكن حدث أن زهقت روح الملك فجأة وهو يزدود ثريدًا ساخنًا، فاستغل البستاني الموقف لصالحه واستمسك بالعرش وحكم البلاد حكمًا فعليًّا. ويحتمل حدوث واقعة موت الملك خلال قيامه بشعيرة دينية بمناسبة خسوف القمر الذي يعتبر خسوفه نذير شؤم للحكام[1]. [1] E. Ebbeling, Op. Cit., 336; And See. A. Ungand, Orientalia “N.S.”, Xii “1943”, 194 F.; R. Labat, Le Caractere Religieux De La Royaute Assyrobabylonienne, Paris, 1939, 104 F.; Frankfort, Kingship And The Gods, Chicago, 1947, 263 F.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 445