اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 429
من الأدب السومري:
احتفظت ألواح الألف الثاني ق. م وما بعده بآداب سومرية الصبغة والأسلوب، نسخها أصحابها عن أصول قديمة، وصعب تحديد عهود هذه الأصول تحديدًا مقنعًا، ولهذا لا نرى من بأس في أن نستشهد هنا بعدد منها خلال الحديث عن عصر إحياء الحضارة السومرية باعتباره عصر بلوغها ذروة نضوجها، دون أن ينفي ذلك احتمال تأليف بعضها قبله بكثير واحتمال تأليف بعضها بعده بقليل. وتضمنت تلك الآداب قصصًا وملاحم وأساطير ومحاورات دنيوية ودينية، كانت من أشهرها قصة الطوفان، وملاحم إينمركار، ولوجال بندا، ومغامرات جلجميش، ونزول الربة إنانا إلى العالم السفلي، ومحاورة الفلاح والراعي، ومحاورة الصيف والشتاء، ... ، وذلك فضلًا عن أمثال سائرة، ونصوص تعليمية تصور حياة الدراسة وتصور مواد التدريس، واشتركت هذه وتلك مع غيرها من الآداب القديمة في ملامح عامة، مثل غلبة الطابع الديني عليها، وكثرة استخدامها الرمز للتعبير عن الفكرة والحادثة، وكثرة التكرار اللفظي الذي يناسب الإلقاء والإنشاد أكثر مما يلائم القراءة، وصعوبة التمييز فيها بين ما هو شعر وبين ما هو نثر. ثم تميزت من ناحيتها بخصائص معينة ظهرت فيها أكثر مما ظهرت في غيرها، ومنها بداية بعض قصصها ومحاوراتها بملخص يمهد لها، أو بمقدمة ميثولوجية تكسبها نوعًا من القداسة.
تخلف من قصة الطوفان السومرية أقلها[1] وصور هذا القليل زمنًا بعيدًا خلق فيه آن وإنليل وإنكي ونينهورساج البشر "أصحاب الرءوس السود"، والنباتات والحيوانات، وتكاثر الخلق والكائنات ونزلت الملكية من السماء إلى الأرض، حيث بدأ العمران من خمس مدن أشرف الإله آن "أو إنليل" على إنشائها في مواضع طاهرة وسماها بأسمائها، وهي: إريدو ... ولاراك وسيبار وشوروباك، وخصصها لعبادة خمسة من الأرباب والربات. ثم قضى بأن يغمر الفيضان الأرض لأمور لم تحتفظ بها السطور الباقية من القصة، وأعلن قضاءه في مجلس الأرباب، فدب الذعر في قلوبهم لا سيما ننتو وإنانا، وقلوب الملوك المقدسين. وكان أشدهم اهتمامًا به المعبود إنكي الحكيم رب مياه الأعماق، وملك صالح يدعى زيو سدرا. وأراد إنكي أن يخبر زيوسدرا باليوم الموعود بطريق غير مباشر، فأوحى إليه بأن يقف بجوار جدار مقدس وأن يستمع منه إلى صوته، وأتاه الصوت قائلًا: "سوف ألقي إليك كلمتي، فاستمع لأمري. بقضائنا سوف "يكتسح" الفيضان مراكز العبادة ويقضي على سلالة البشر. ذلك قرار مجلس الأرباب، وقضاء آن وإنليل ... ".ويبدو أنه نصحه بأن يبني سفينة كبيرة وينقل إليها ما تستطيع أن تحتمله من المخلوقات ... ، فصدع بأمره وعمل بنصيحته. [1] بقي من ألواحها ثلث لوح وجد في نفر، كتب في العصر البابلي عن أصل سومري قديم.
2 Kramer, Anet, 43 F. “And References; M. Civil, The Sumerian Flood Story, Atrahasis, 1969; W.G. Lambert Babylonian Wisdons Literature, Exford, 1960, 92 F.; Civil Et Biggs, Ra, Lx, 1-5; R.D., Biggs, Anet, 1969, 594-5.
وراجع ص401 وحاشية 3.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 429