responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 417
من الشرق، والسوباريون من الشمال، وكلهم يحمل هداياه كل شبر وفي مطلع العام، ثم أصبحت أبواب أجادة مطروحة ساقطة وتركت إنانا هداياهم وحل الرعب في "معبدها" أولماش وصبت نقمتها على المدينة فولت عنها السيادة وأصبحت خرابًا، وأصبح نرام سين ينعيها، وكان قد عصى إنليل سبع سنوات وأذن لجنده بمهاجمة معبده إكور فنهبوه ودمروه حتى "أصبح البيت وقد تمدد كالشاب الميت المطروح، وقطعت الغلة من الباب الذي لم تكن الغلة تنقطع عنه"، ونهبوا نفر نفسها "فهاج إنليل وقذفهم بأهل الجبال الجوتيين فعم القحط والجوع أرض سومر كلها وتفشى فيها الغلاء والوباء وتهددت بالفناء، وحينئذ إنبرى ثمانية أرباب منهم سين وإنكي ونينورتا وأوتو ونيدابا ووعدوه بتدمير أجادة عسى أن يكشف الضر عن بقية البلاد، وواجهوا أجادة ونطقوا بلعنة الخراب عليها ودعوا عليها بأن يعود طوبها إلى أصله "الطيني" في ماء العمق، وتذبح زوجاتها عوضًا عن بقراتها وتذبح أبناءها عن أغنامها، وينضب منها كل شيء .. ". وانتهت الرواية بتأكيد حدوث ذلك كله، وبأن من أراد أن يسكن أجادة لم يعد يجد فيها موضعًا للسكنى، ومن أراد النوم فيها لم يعد يجد فيها موضوعًا ينام فيه[1].
غير أن هذا التصوير لزوال الدولة الأكدية لم يمنع الكاتب السومري من أن يعترف بالحقيقة الواقعة التي ترتبت على زوالها وهي أنه تلاها عصر لم يكن يعرف أحد فيه الملك من غير الملك، نتيجة فيما يبدو لكثرة أدعياء الحكم وكثرة المتسيطرين من الجوتيين.
ومع توالي الأيام، خفت حدة الجوتيين وخشونتهم رويدًا رويدًا، ولم يكن أمامهم وهم غير ذوي ثقافة أصيلة إلا أن ينهلوا من معين الثقافة السومرية الأكدية فاصطبغوا بها وعبدوا أربابها مع أربابهم[2]، ويبدو أنهم اتخذوا مدينة كركوك واحدة من مدنهم الرئيسية، ولكن المدن المتحضرة القديمة ظلت كارهة لهم وظلت تتحين الفرص لمناضلتهم ولا سيما في المناطق الجنوبية البعيدة نوعًا عن حكمهم المباشر. وبدأت هذا النضال لجش وأوروك، بل واستعاد بعض الأمراء الأكديين سلطانهم في عهدهم بحيث مد أحدهم "شدرول" نفوذ إلى منطقة إشنونا قرب دجلة.
وكان نضال لجش "تلو" نضالًا سلميًّا اكتفت فيه بأن تستعيد للسومريين كيانهم ونشاطهم السلمي الذاتي في الداخل وفي الخارج، وبدأ بمسعاها ذاك في الربع الأخير من القرن الثاني والعشرين ق. م عصر جديد يسمى إصطلاحًا باسم العصر السومري الحديث أو عصر الإحياء السومري، وهو موضوع الفصل التالي.

[1] كرامر: من ألواح سومر - ملحق 1، ص389 - 394.
Speiser, Some Factors In The Collapee Of Akkad, Jaos, 1952, 97, 101; Kramer, Anet, 646f. Also, Oppenheim, Letters From Mesopotanla, 1967, 71-72 F.
[2] ديلابورت: المرجع السابق - ص37.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست