responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 407
المقابر:
لعل أمتع ما يستشهد به عادات الدفن ومحتويات المقابر، هو ما تضمنته مقابر مدينة أور[1]، وهي مقابر كثيرة العدد بنيت باللبن تحت سطح الأرض وقرب زقورة المدينة، وتألف بعضها من ثلاث غرف متوازية، وسقفت بعض غرفها بعقود. ومن أفضل ما بقي سليمًا منها ومن أحدثها مقبرة تنسب إلى عظيم يسمى مس كلام شار "أو مس كلام دج"، وسيدة تسمى شوب آد، ولا زال الرأي متأرجحًا بين اعتبارهما من الأمراء الحكام أو من الكهنة، وإن كان الاعتبار الأول هو الأرجح. وتضمنت هذه المقابر ما دلت به على بعض عقائد الدفن عند أهلها، وما عبرت به عن رقي الفن والصناعة ورقة الأذواق في عصرها فقد جرت عادة أصحابها الأثرياء على دفن أتباعهم معهم، من الجند والخدم والوصيفات والموسيقيات، وسائقي العربات والثيران والحمير البرية التي تجر العربات وتجر الزحافات الخشبية المستخدمة في نقل الرفات. واختلفت أعداد هؤلاء الأتباع في ست عشرة مقبرة بين الستة وبين الثمانين. ويفترض أنه كان يضحي بهم بالسم عند وفاة سادتهم، ثم يدفنون معهم مع إبقاء جثثهم في صورتها الدنيوية من حيث الملبس والزينة وأدوات الحرفة، ودفن أقربهم مكانة من صاحب المقبرة معه في حجرة دفنه، وترتيب بقيتهم في صفوف فيما بين مدخل المقبرة وبين مدخل حجرة الدفن. وليس ما يمكن تأكيده حتى الآن عما إذا كانت عادة دفن الأتباع هذه قد ارتبطت بإيمان أصحابها بحياة أخرى ودوا أن يصحبهم أتباعهم إليها ليقوموا على خدمتهم فيها. أم أنها ارتبطت بمجرد رغبة الأحياء في تكريم عظمائهم عند موتهم وتحريم خدمة أتباعهم لسادة آخرين، مع ما يقتضيه ذلك من إجبار أولئك الأتباع على التظاهر بالولاء الأبدي لأرباب نعمتهم ورضاهم بالتضحية بأنفسهم من أجلهم. أم أنها عادة ارتبطت بتقاليد دينية تتصل بعقائد العبادة والآلهة أكثر مما تتصل بأصحاب المقابر أنفسهم، كافتراض التضحية بأفراد المواكب الدينية ومنهم أصحاب المقابر أنفسهم في أعقاب أعياد رأس السنة الزراعية بعد أن يؤدي كل منهم دوره فيها، من أجل استدرار رضا الأرباب ودوام الخصب في البلاد. ووجدت فتحات في سقوف بعض المقابر دفعت أصحاب الفرض الثالث إلى الظن باحتمال مرور أنابيب فخارية فيها تصلها بأرضية معابد أو مقاصير مقامة فوقها[2]. وإن كان هذا الفرض الأخير لا يزال أضعف الفروض الثلاثة.
وعلى أية حال، فقد دل ما دفن به أصحاب المقابر وأتباعهم من حلي وأدوات على ثراء كبير. ومن خير ما تحتفظ به المتاحف الآن من هذه الحلي والأدوات خوذ فاخرة صنعت إحداها من الذهب المطروق، وخناجر ثمينة طعمت بعض مقابضها باللازورد وكسيت إغمادها برقائق ذهبية مزخرفة، ونصال حراب ورءوس بلط رمزية، ودبابيس مذهبة وحلي ذهبية من خواتم لطيفة وأقراص مستديرة وأخرى مشكلة على

[1] L. Woolley, Ur Excavations, The Royal Cemetery, 1934.
[2] See, S. Smith, Jras, 1928, 849 F.; F. Bohi, Az, 1930, 83 F.; A. Moortgat, Tammuz, 1949.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 407
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست