اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 39
الكتاب الأول: مصر منذ فجر التاريخ حتى نهاية العصور الفرعونية الفصل الثالث: مصر في فجر تاريخها
مدخل
...
الكتاب الأول: مصر منذ فجر التاريخ حتى نهاية العصور الفرعونية الفصل الثالث: مصر في فجر تاريخها
كاد يصرفني عن تقديم هذا الفصل عاملان، وهما: أن تفاصيله تعني المتخصصين في الآثار أكثر مما تعني غيرهم، وأن المحصول الحضاري لعصره، عصر فجر التاريخ، ليس غير محصول متواضع بالنسبة إلى ما ألفه العالم عن المظاهر الضخمة للحضارة المصرية في عصورها الفرعونية. ولكن عاودني بعد ذلك إحساس آخر ملح بضرورة كتابته، بناء على دافعين أيضًا، وهما: أن عصره قد امتد أكثر من عشرين قرنا وهذه فترة لا يمكن إغفالها من عمر الحضارة المصرية بحال من الأحوال، وأن آثاره وتطوراته على الرغم من بساطتها كانت هي الأساس الغفل للآثار التاريخية التي أتت بعدها. وللتوفيق بين الأمرين، تكتفي الصفحات التالية بمعالجة الخطوط العريضة في تصوير هذا العصر، أما تفاصيله فيمكن الرجوع إلى ما نشرناه عنها في كتابنا الأول في "حضارة مصر القديمة وآثارها"، وقد شغلت فيه نيفا ومائة وخمسين صفحة[1].
وقد مر بنا كيف وضح تعامل الإنسان مع بيئته في عصر بداية الزراعة، أو عصر فجر التاريخ، أكثر مما وضح في العصور السابقة له، وكيف وضح هذا التعامل في أظهر صوره على هيئة تحد بطيء متتابع، تحد بين الزارعين الجدد الذين رغبوا في الانتفاع بما يستطيعون استغلاله من أرضهم الخصبة وفيرة الماء والقادرة على الإنتاج، وبين وحشية هذه الأرض في أغلب أحوالها واحتياجها إلى جهد طويل وتهذيب وسيطرة حتى تؤتى أكلها حسبما يود أهلها[2]. [1] راجع: عبد العزيز صالح: حضارة مصر القديمة وآثارها – الجزء الأول – القاهرة 1962 – ص78 - 230. [2] See Also, E. Meyer, Chronologie Egyptienne "Tr. By. A. Moret", 165; Ehernberg, Zu Heredot "Klio XVI", 318f.
سليمان حزين: في تاريخ الحضارة المصرية – المجلد الأول – القاهرة 1962 - ص17.
في الفترة النيوليثية الحجرية الحديثة
مدخل
...
في الفترة النيوليثية الحجرية الحديثة:
أخذ المصريون في بداية فجر تاريخهم بما أخذ به غيرهم من أصحاب المجتمعات الزراعية، فيما يختص بعلاقاتهم المكانية ووسائلهم الاقتصادية، فظلت جماعاتهم تحيا لفترات طويلة في وحدات صغيرة متفرقة، يتصل البعض منها بالبعض الآخر ولكن بمقدار، ويأخذ البعض منها عن البعض الآخر ولكن بمقدار، وإن كانت على الرغم من تفرقها لم تعدم في الوقت ذاته ملامح مشتركة قربت بينها، ولم تعدم فنونها على الرغم من بداءتها روحا من التشابه يؤاخي بينها، وذلك بحيث أصبح التنوع بينها تنوعا داخل وحدة كبيرة، ألا وهي وحدة الجنس ووحدة البيئة ووحدة المطالب المحدودة والكماليات المحدودة أيضًا، وعلى هذا الاعتبار نجد من التسميات الحضارية الاصطلاحية عن أوائل العصر النيوليثي أو العصر الحجري الحديث في مصر:
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 39