اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 388
الرأسية في مبانيهم، وفي عمل العقود فوق الأبواب[1]، وإن ظلوا يستخدمون معها القوالب العادية الشائعة مسطحة الوجهين[2]. واستخدموا الدبش والأحجار الغفل لتدعيم أساسات المباني الكبيرة[3].
وكالعادة ظلت أطلال المعابد الكبيرة والقصور الكبيرة أكثر بقاء من غيرها، وجرى السومريون على بناء هياكلهم الرئيسية فوق مسطحات عالية، إلى جانب بناء المعابد الأرضية العادية. واشتهرت معابد المسطحات "بعد تطويرها" باسم "زقورة" وبمعنى القمة المرتفعة أو المدببة، وأطلق السومريون اسم "شاخورو" بمعنى "قاعة الانتظار" على كل من الهيكل العلوي الذي يعلو الزقورة وعلى القاعة التي تسبق قدس الأقداس في المعابد الأرضية، ويبدو أنهم عنوا به في الحالة الأولى قاعة انتظار تجلي المعبود في مناسبات خاصة، ثم عرفوها بهذه الصفة باسم "جيجونو". وليس ما يعرف عن هذه المناسبات الخاصة غير إشارات تضمنتها نصوص متأخرة وتحدثت فيها عن أعياد رأس السنة "الزراعية" والزواج المقدس لبعض الأرباب ومنهم دوموزي رب الخصب، الذي يظل حبيسًا في العالم الآخر خلال فصل الجفاف، فتأسى عليه زوجته أو أمه ويشاركها الناس أساها بالعويل والرثاء والدعاء قبيل بداية كل رأس سنة جديدة، وتستمر طقوسهم حينذاك عدة أيام يعتقدون أن دوموزي قد تخلص بعدها من عالم الفناء وبعث من جديد، وحينئذ يعلن الكهنة بداية الزواج المقدس في هيكله، كناية عن عودة الخصب وبداية موسم زراعي جديد، وهكذا وصف دوموزي في بعض نصوصه "المتأخرة أيضًا" بأنه "زوج إشتار العروس ... خالف بذرة الكباش رءوس القطعان"، وقيل عن رب مدينة لجش في مناسبة مماثلة إنه حين يهبط للزواج المقدس بقرينته يكون "كالعاصفة الهادرة والطير الجارح". ولا زال الباحثون يرتبون على هذه الأعياد، صورًا وتخريجات يستوحونها من النصوص ولكن دون أن يصلوا بها إلى حد اليقين، فيرى بعضه أنه ليس المعبود وحده هو الذي يتزوج زواجًا رمزيًّا في عيد رأس السنة، وإنما اقتضت التقاليد كذلك بأن يدخل الملك الحاكم بمناسة كل عيد بكاهنة ممن نذرن أنفسهن للمعبودة إنانا ربة الحب والتوالد "وصفات أخرى" ضمانًا لخصب التربة وخصب الأرحام، ويستشهد أصحاب هذا التخريج بأغنية سومرية متأخرة تعتبر العروس المقدسة فيها الملك "شوسين آخر ملوك أمور" عريسها وتذكر أنه أسر قلبها وأنها تواجهه واجفة، ثم تخاطبه بلقب الأسد وتطلب إليه أن يحتبيها لنفسه، وتعرض عليه أن تُدلِّله بتلديل أشهى من الشهد، وأن يدللها بدوره ويضاجعها حتى مطلع الفجر ... [5].
ويبدو أن أعياد الزواج هذه كانت تأخذ طابع المرح "بعد أيام النواح والدعاء"، ويجري فيها ما يجري في الأفراح من ولائم ورقص وعزف وقصف، ويدخل المحتفلون ومعهم الأغصان الخضراء وكئوس [1] P. Delougaz, Planoconvex Bricks And The Methods Of Their Employment, Chicago, 1933. [2] Frankfort, Iraq Expedition…, 1932-1933, Figs. 5-7, 10-12. [3] Frankfort, The Art And Architecture…, 21.
4 Op. Cit., 30. [5] S. Kramer, Tablets…, Ch. Xxiii; Turk. Belleten, Xvi, 345 F.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 388