اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 317
ذلك أموالًا كثيرة وألف إردب من الشعير. ولعلهم قد قدروا في التزامهم هنا بعدم تقديم الأضاحي المحروقة أمرًا آخر. وهو احترام شريعة الفرس المجوس التي حرمت تدنيس النيران بحثث الحيوانات.
ومضى عند دارا الثاني، ونكاية في المصريين حصل اليهود من خلفه أرتاخشاشا "أرتاكسركسيس" الثاني على وعد بتنفيذ مطلبهم، وربما في مقابل وقوفهم في وجه الثوار المصريين أيضًا، ويبدو أنهم أعادوا معبدهم بصورة ما. وبعد قليل أعلن الملك المصري أمون حر نفسه فرعونًا وحرر بلاده من الفرس في حوالي عام 404ق. م، ولو أن وثائق الآراميين واليهود لم تؤرخ باسمه حتى العام 401ق. م مما قد يعني ترددهم في الاستجابة له، ثم انقطعت وثائقهم بعد عام 399ق. م، مما يدل على تبدد شملهم خلال عهود الأسرات الفرعونية الأخيرة، وإن استعادوا بعض وجودهم مرة أخرى بعد ذلك في بداية العصر البطلمي[1]. [1] Cf., Sayce And Cowley, Aramaic Papyri Discovered At Aswan, 1906; G.R. Driver, Aramaic Documents Of The Fifth Century B.C., 1957; Zas, 1964, 63 F.;B. Porton, Archives From Elephantine, 1968 Etc. الأسرتان الأخيرتان:
توالى على مصر بعد إجلاء الفرس في عام 404ق. م أكثر من ستين عامًا، لم يخب الصراع خلالها بين مصر المستقلة التي ما فتئت تذود عن سمعتها وحاولت الانتقام لنفسها مما أصابها إبان فترة الاحتلال، وبين فارس التي ما فتئت تعاودها حمى الاستعمار ورغبة الثأر لشرفها المسلوب. وتعاقبت على عرش مصر بعد عهد آمون حر أسرتان حاكمتان من شرق الدلتا، صحت عزائم أصحاب الشخصيات القوية من ملوكها على النهوض بعد النكسة واستعادة المجد القديم، بينما تقطعت دابر أصحاب الشخصيات الضعيفة منهم مناوأة الارستقراطية الإقطاعية لهم، بحيث لم تزد فترة حكم الواحد منهم عن بضعة شهور أحيانًا. ونشأت أولى الأسرتين، وهي التاسعة والعشرون، في مدينة منديس "تمي الأمديد وتل الربع شمال شرق السنبلاوين"، ولم تستمر أكثر من عشرين أو واحد وعشرين عامًا تعاقب فيها أربعة ملوك أو خمسة، كان أهمهم أثرًا مؤسسها نايف عاورود "بانرع - مرن نثر"- ثم ثالث ملوكها هجر "أو هقر". وجرى كل منهما على سنة التعاون مع العالم الإغريقي لمواجهة الفرس أعداء الطرفين.
وبدأ الفرس مع بداية عصر الأسرة التاسعة والعشرين مستغلين قلقلة انتقال العرش المصري من أسرة المحرر أمون حر، وحشدوا جيشًا وأسطولًا كبيرين في فينيقيا لغزو مصر[1]، ولكن صرفهم عن إتمام خطتهم مشاكل ولاية عرشهم وثورة آسيا الصغرى وجزرها ضدهم بعد أن أيدتها دولة إسبارطه الطامعة في زعامة الإغريق وصاحبة أقوى الجيوش البرية في أرض اليونان. واتقاء لعودة غدر الفرس تقاربت وجهات النظر بين مصر وبين إسبارطه، وبدأت مصر بمد يد العون فأمدت حليفتها في عهد نايف عاورود بأموال وخمسمائة ألف مكيال من الغلال وتجهيز مائة سفينة مقاتلة، ولكن هذا المدد الذي تحملته خزائن مصر المجاهدين المجهدة لم يؤدِ الغرض منه وحطمه قائد أثيني كان يخدم الفرس عند رودس[2]. وبعد سنوات عقدت إسبارطه الصلح مع الفرس، ولم تتذكر مصر في صلحها، فبقيت مصر وحدها. [1] Kienitz, Op. Cit., 76 “Xenophon, Anabasis, I, 4-5”. [2] Diodorus, Xvi, 79.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 317