responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 315
الإصلاح الديني الذي لم يعترف إلا بمعبد أورشليم معبدًا رسميًّا ودعا إلى الاعتقاد بأن الإله مسكنه السماء وأن اسمه هو الذي يسكن المعبد.
وسواء أتى اليهود معهم برواسب ديانة التعدد القديمة في فلسطين، أو خضعوا لدواعي الاختلاط ببيئة المرتزقة التي عاشوا فيها، أم أتت الوثائق الآرامية بأخبارهم إلى جانب أخبار غيرهم. فقد وردت في هذه الوثائق أسماء معبودات مصرية وآرامية وبابلية وفارسية أيضًا، مثل أسماء ساتت وخنوم، وبيثئيل شمين "ملكة السماء"، ونابو، وبانيت، إلخ.
ومع مرور الوقت قامت بين الأقليات في أسوان ومنهم اليهود وبين المواطنين المصريين في المنطقة علاقات تزاوج وتجارة وعمل ومداينات، بحيث تزوجت يهودية من رجلين مصريين على التعاقب، وتزوج مصري من آرامية، وتزوج يهود من مصريات. وكان من الطبيعي أن تشوب هذه العلاقات بعض المنازعات من حين إلى آخر، وكان للمواطنين في بعض الأحيان اليد العليا فيها، بحيث روت إحدى الوثائق أن المحكمة جعلت امرأة يهودية تقسم باسم المعبودة المصرية ساتت في قضية قامت بينها وبين مصري، واشترط مصري على مدينه اليهودي أن يدفع أربعة شواقل فائدة قرضه بمقتضى أوزان بتاح الإله المصري وليس بمقتضى أوزان الملك الفارسي، وعامله بمعاملة المرابين اليهود أي بمقتضى الربح المركب. واشترط تعاقد مصري على متعهدين يهوديين تسلما 50 إردبًا من الشعير والعدس من ملامح مصري لتوزيعها على أفراد الحامية ضمانًا أو شرطًا جزائيًّا قدره ألف شيقل، وربما اشترط الملاح نفسه أن يحصل أجره من حصتهما المقررة من بيت الملك وأن يقتضيه من ممتلكاتهما إن امتنعا عن أدائه.
وكانت اللغة الآرامية قد طغت على اللغة العبرية في فلسطين نفسها، لبعض الوقت، كلغة الثقافة والمراسلات ولهذا لم يكن من الغريب أن تطعي عليها كذلك بين يهود إلفنتين لا سيما مع اختلاطهم بالآراميين المشتركين معهم فيها. وتأثرت لغتهم كذلك باللغة المصرية في بعض تعبيراتها الدارجة وفي تعبيرات التعاقد.
وكما كان بناء معبد اليهود في الفنتين معبرًا عن روابطهم، أصبح خرابه مقدمة لتفرقهم. فعندما طال احتماء اليهود بالمحتلين الفرس تناسوا حقوق الوطن المصري الذي آواهم - وعندما تعاقبت ثورات المواطنين ضد الاحتلال الفارسي "في أعوام 488 - 486، 460 - 454، 450، و410ق. م" لم يساندهم اليهود فيها، أو على حد تعبير إحدى الوثائق الآرامية لم يتركوا مراكزهم ولم توجه إليهم تهمة التمرد. وربما تجاوزوا تجاهل المشاعر القومية المصريين إلى تجاهل تقاليدهم الدينية أيضًا، فتجرءوا على تقديم الأضاحي من الكباش في معبدهم عوضًا عن الجداء، وكان الكبش رمزًا مقدسًا للمعبود خنوم في أسوان. وهكذا استمر السخط يتفاقم ضدهم حتى أفضى إلى تدمير معبدهم في حوالي عام 410ق. م خلال العام الرابع عشر من حكم الملك الفارسي دارا الثاني. والطريف أن رسائل اليهود لم تنسب هدم المعبد إلى كهنة خنوم المصريين في حصن إلفنتين وحدهم، وإنما ذكرت أنهم استغلوا غياب الوالي الأكبر "خشاتر أبافان أو الساتراب" أرشام الفارسي عن مصر فاتفقوا مع فرارتكا أسوان، أي رئيسها، فبدرانجا الفارسي، على إزالة معبد اليهود من الجزيرة

اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 315
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست