responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 294
ومرة أخرى هبت مصر تبغي التحرر بعد أن ورث عرشها الأسمى تانوات آمون "باكارع" -ابن شبتكا أخ تاهرقه- وتشجع برؤيا ظنها صادقة رأى فيها ثعبانين أحدهما على يمناه والآخر على يسراه[1]، وفسرها رجال الدين له بالنصر على عادة الكهان مع الملوك في كل عصر، وأولوها بقرب سيطرته على الصعيد والدلتا. وتشجع الملك الذي ذكرته النصوص الآشورية باسم أوراماني فصعد حتى منف وحاصر بجيشه الحامية الآشورية فيها وسيطر على المدينة، وأدب الأمراء الذين استكانوا لحكم الآشوريين[2]. ولكن ما لبث آشور بانيبال أن عاد بجيشه إلى مصر وقد تملكه الغل وساعدته كثافة جيوشه على النصر، فانسحب تانوات أمون إلى الجنوب، وتتبعته القوات الآشورية حتى طيبة ودخلتها ودمرتها حوالي عام 659ق. م على الرغم من مقاومة أهلها وأميرهم "منتومحات"[3]. وروت المتون الآشورية على لسان ملكها: "غنمت من طيبة غنائم تجل عن الحصر، ونزعت مسلتين ضخمتين من قواعدهما، وكانا مغشيتين بالبرونز المذهب، وتبلغ زنة كل منهما 2500 تالنت، وأمرت بنقلهما إلى آشور". وتحدث متن آخر عن أنه سجل انتصاراته وانتصارات أبيه على خمسة وخمسين تمثالًا من تماثيل الملوك المصريين4 "وربما أمر بنقل بعضها أيضًا إلى آشور". ولم يكن الشرق القديم قد نسي أن طيبة ظلت كبرى عواصمه السياسية والدينية طيلة قرون عدة، ولم ينس أن عمائرها الدينية كانت ولا تزال أكبر من أن تدانى، ولهذا كان لسقوطها وتدميرها واحتلالها عنوة لأول مرة في تاريخها دوي كبير عبر عنه النبي ناحوم بعد نصف قرن وهو ينذر نينوى عاصمته آشور بأنها لن تكون أعز من نو آمون "أي طيبة" المستقرة بين الأنهار، تحميها المياه، البحر حصنها، ويسورها البحر، ويدافع عنها المصريين الذين لا حصر لهم والكوشيون "النوبيون" والفوط والليبيون، ومع ذلك دمرت وسحق أطفالها عند منعطفات الشوارع، وألقوا القرعة على أشرافها وقيد عظماؤها بالأغلال[5].
وعثر في طيبة على لوحة أرخت بالعام الثامن من حكم تانوات آمون "في حوالي عام 655 أو 654ق. م" مما قد يعني أنه عاود كفاحه بعد تدمير طيبة، واسترجع سلطانه على بعض مناطق الصعيد[6]. ولكن سيطرته لم تطل أكثر من هذه السنوات الثمان، بل إن النصوص الصاوية التي أتت بعد عهده أغفلت حكمه، كما أغفلت سنوات الاحتلال الآشوري، واعتبرت آخر أعوام حكم تاهرقه "في حوالي عام 664ق. م" مقدمة لحكم بسماتيك الأول أول ملوك الأسرة السادسة والعشرين موضوع البحث التالي.

[1] Urk., Iii, 57-77.
[2] Breasted, Ancient Records, Iv, 919 F.
[3] Ibid., 901 F.
4 D. Luckenbill, Op. Cit., 989.
[5] ناحوم 3: 8 - 10.
[6] Berlin. 2097; Asae, Vii, 190, 226-27.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 294
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست