responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 265
وسلك فن التصوير خلال هذه المرحلة، سبيل الاتزان نفسه فيما أخرجه من نقوشه ومناظره، ولكن أصحابه التمسوا لصورهم نوعًا من التفصيل وحلاوة التعبير يريد من نصيب التماثيل. وبقيت من إنتاجهم صورة للملكة أحمس أم حاتشبسوت، أظهرتها بابتسامة حلوة مشرقة مستبشرة، وصورة أخرى مبدعة لسنموت كبير المهندسين في عهد حاتشبسوت عبرت عن امتلاء صدغيه وطيات ذقنه وتفاصيل شعره في خطوط بسيطة متمكنة. وصور الفنانون خصائص الرسل الأجانب الذين كانوا يفدون إلى مصر بجزاهم وهداياهم[1] وصوروا بيئة بلاد بوينة "بونت" بقراها وحيواناتها وخصائص أهلها الجسمية، في تفصيل لطيف وفي روح مرحة فكهة سبقت الإشارة إليها.
وامتازت المرحلة الثانية لفنون الدولة الحديثة بمزيد من الرقة ورغبة التعبير عن مظاهر الترف وميل إلى التحرر القليل من التقاليد الفنية القديمة وأحمالها، وميل يساويه إلى عشق الطبيعة وجمالها، وبدأت هذه المرحلة منذ أواخر عهد تحوتمس الثالث[2]، واستمرت حتى نهاية عهد أمنحوتب الثالث، وكانت مصر قد جنت خلالها ثمار جهودها الحربية والسياسية والاقتصادية التي بذلتها راضية في المرحلة الأولى، وتوفر لها من حياة السلام والطمأنينة ما جعل خاصة أهلها ينعمون برغد العيش كاملًا غير منقوص، وجعلهم يصدرون في جل أمرهم عن مشاعر رقيقة هادئة، فخرج الفن يعبر عن تطور هذا العصر بأطرافه، وانتفع المثالون بأسلوبين قديمين جديدين في الوقت نفسه، أسلوب واقعي مهذب مرفه، يخالف الأسلوب الواقعي الجاد الذي استحبته فنون الدولة الوسطى؛ ثم أسلوب جمالي ناعم منمق، يخالف الأسلوب الجمالي المتزن المبسط الذي استحبته المرحلة الأولى من الدولة الحديثة. واستطاع مهرة المثالين في الأسلوبين أن يضفوا على سطوح تماثيلهم ليونة واستدارة ورقة مقصودة، ونجحوا في أن يظهروا المشاعر التي تتفاعل في نفوس أصحاب التماثيل على ملامح وجوه تماثيلهم[3]. ومن أمتع ما يستشهد به من إنتاجهم في الأسلوبين، تماثيل الفرعون أمنحوتب الثالث، وزوجته تي، وحكيم عصره أمنحوتب بن حابو:
فقد نحت فنان الأسلوب الواقعي المرفه رأسين لفرعونه أمنحوتب الثالث4، وعبر عن مذهب الواقعية فيهما بوجه مستطيل، وعينين لوزيتين، وحاجبين طويلين، وشفتين ممتلئتين، وذقن صلبة بارزة، وأنف مستقيمة وانحدار في صفحتي الخدين. وكاد وجه الفرعون في الرأسين يصبح صورة أصيلة لوجه ولده آخناتون بملامحه المتميزة المشهورة، لولا أن المثال عاد فأسبغ على هذا الوجه صبغة أخرى مقصودة أكد

[1] من نماذج هذا التصوير مناظر مقابر سنموت ورخميرع ومن خبر رع وأمنحوتب.
[2] يرى فاندييه أن تطور هذه المرحلة بدأ في عهد أمنحوتب الثاني Manuel D' Archaelcgie, Ii, 510.
وقد يصح ذلك بالنسبة لأساليب النحت، ولكنه لا يتفق مع أوضاع التماثيل "راجع حاشية 5 في الصفحة السابقة" أو مع التحرر في تصوير الراقصات في الحفلات الخاصة "في مثل مقبرة رخميرع وزير أبيه تحوتمس الثالث".
[3] راجع كذلك: دريوتون وفاندييه: مصر - ص538 و540.
Brit. Mus. 416 "6".
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست