responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 167
فعلى حين اعتاد أسلافه مهندسو الدولة القديمة على أن يقيموا معابد الفراعنة إلى جانب أهرامهم دون أن يجمعوهما معًا في وحدة معمارية صريحة واحدة، حاول هو من ناحيته أن يجمع لأول مرة بين هرم فرعونه وبين معبده في بناء واحد قائم متصل. وتخير لمشروعه حضن جبل ناهض من جبال طيبة الغربية، وأراد أن يطاول هرم فرعونه ارتفاع الجبل، فشيد تحته مسطحين واسعين عظيمين يعلو أحدهما فوق الآخر، ويؤدي إليهما طريق طويل عريض يبدأ بمدخل متسع عند حافة الوادي المنزرع. ثم جمل المهندس البناء بتوابع كثيرة، من الحدائق الرحبة والأعمدة المرتفعة، والتماثيل الملكية الواقفة والجالسة، التي استكمل بها نواحي الفخامة والجمال في عمارته. ولما أكمل المهندس مشروعه وتوابعه، أصبح الزائرون يتطلعون إلى مجموعته من أرض الزراعة إلى حيث ينهض ضريح الفرعون عاليًا يحميه الجبل من خلفه، ويعبرون خلال طريقهم إليه غابة شجرية زرعت بأشجار وارفة من الجميز والأثل تظلل تحتها عددًا من تماثيل الفرعون تمثله جالسًا أو واقفًا، ثم يصعدون في نهايتها على طريق صاعد طويل يواجهون معه المسطح الأول للضريح، ويواجهون في مقدمته بهوًا عريضًا ترتفع فيه أعمدة مربعة, فإذا اعتلوا هذا المسطح الأول واجهوا غابة فسيحة أخرى تكسو المسطح الثاني، لكنها غابة من حجر، تتضمن عشرات وعشرات من الأعمدة الحجرية المضلعة التي قامت فيها مقام الشجر. وفي قلب هذه الغابة الحجرية ينهض هرم الفرعون عاليًا في تسام وأبهة[1].
وضم ضريح مونتوحوتب عددًا من مقابر نساء أسرته ووصائفهن. وكان لكل أميرة منهن مقصورة خاصة، ولكل مقصورة بئر تؤدي إلى حجرة دفنها[2]. وكانت أشهرهن أميرة تدعى كاويت، وأخرى تدعى عاشيت[3]. بقي عدد من المحتويات الثمينة في مقبرتيهما، ومنها تابوتان من الحجر الجيري النقي، حفلت جوانبهما بمناظر دنيوية وأخروية، ومن هذه المناظر ما يصور الأميرة تمسك بمرآتها النحاسية، بينما ترجل لها خادمتها شعرها وتروح لها أخرى بمروحتها ويصب لها وصيفها لبنًا في كأس. وكان لكل من الأميرتين تابوت خشبي وضع داخل تابوتها الحجري، وزين كل منهما بنصوص دينية ومناظر قطع فنانها مرحلة طيبة في سبيل إجادتها ورشاقة خطوطها. وقد ضارعتها في مستوى التطور نقوش أخرى احتفظت بها مقاصير معبد الطود من أيام الملكين مونتوحوتب الثالث ومونتوحوتب الخامس[4].
وبدأت بواكير الازدهار النسبي لفن النحت حينذاك في تماثيل مونتوحوتب "نب حبة رع" أيضًا. واشتهر منها تمثال يظهر الملك برداء قصير يشبه أردية أعياد السد، ويظهره بلون أسود قد يرجع استخدام الفنان له إلى رغبته في تشبيه فرعونه بالمعبود أوزير باعتباره رب الخصب، أو يرجع إلى سوء اختياره للون المناسب. ويبدو أن الفرض الأخير هو الأرجح؛ إذ يزكيه عيب آخر في تمثاله، وهو أن الفنان حين حاول

[1] E. Naville. The Xidyn, Temple, Iii Vols., 1907 F. H.E. Winlock, Excabations At Deir El-Bahari, 1942.
ويراجع عن تصويرات أخرى لهذه المجموعة المعمارية:
D. Arnold, Der Templ Das Konig Menuhotep Von Der El-Bahari, I-Ii, 1974.
[2] Evers, Staat Aus Dem Stein, Ii, Taf, Xi F. ; Iii, Taf Ii-Iii.
[3] Metr, Mus., Bull. 1921, 36 F. Evers, Op. Cit., Xix A. B.
[4] Bisson De La Roque, Tod, Le Cairo, 1937.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست