اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 128
فضله على هؤلاء وهؤلاء، وكأنهم اعتبروا زرقة السماء بحرًا وسيلة العبور فيه هي المراكب أهم وسائل الانتقال في دنياهم.
ومن خصائص معابد الشمس أنه لم تجر عادة المصريين على أن يضمنوها تماثيل لربها أو محاريب مغلقة يعبد فيها. واتجهوا بدعائهم إلى كوكبه في سمائه، وقدموا قرابينهم إلى الشرق من مسلته، ونزهوه عن أن يختفي في أرضهم داخل تمثال أو خلف جدران وأستار. واستمرت هذه المظاهر تميز معابد الشمس المصرية عن معابد بقية الأرباب في أغلب العصور القديمة. وحرص أتباع الشمس على أن يسجلوا في معابد ربهم مظاهر فضله على ملوكهم، فصوروهم يحتفلون بأعياد السد في ظله. ثم سجلوا فيها نعمته على عبادة بعامة، فزينوا بعض قاعاتها وممراتها الجانبية بمناظر ذات ألوان زاهية ورمزوا فيها إلى مظاهر الحيوية في الدنيا ووجوه النشاط التي تتعاقب خلال فصول السنة بفضل الشمس وربها، من حرث وبذر وجني وحصاد، وتناسل الحيوانات وتكاثرها، وحياة الطيور في الطبيعة الطلقة حين تغرد وحين تمرح وحين تفزع وحين يعتدي كبارها على صغارها، وحين تعطف الأم على أفراخها، ثم تعبئة عسل النحل وتخمير العنب ... ، وهلم جرًّا. وبلغ فنانو عصر الأسرة الخامسة في ذلك النجاح كله، من حيث حيوية التصوير ووضوح الألوان ودقة التفاصيل[1]. [1] Wresz, Atlas, Iii, 106; Von Bissing, Asae, 1955-1956, 319 F. أهرام العصر ومعابدها:
اهتم فراعنة الأسرة الخامسة ببيوت خلودهم، أي أهرامهم ومعابدها، شأن أسلافهم وعلى نحو ما اهتموا بمعابد ربهم. وتوزعت أهرامهم في سقارة وأبو صير، ولكن ظلت الفوارق واضحة بين أهرامهم وبين أهرام الأسرة الرابعة في الجيزة، وأهم هذه الفوارق ثلاثة، وهي:
أولًا- أنها قلت كثيرًا عن أهرام الأسرة الرابعة من حيث الضخامة وأحجام الأحجار، وبالتالي من حيث مغالبة عوادي الزمن، كما قلت عنها في فخامة مظهرها. ويمكن أن ترد قلة الضخامة فيها إلى ذوق معماري خاص ساد عصرها، ولكن قلة المتانة فيها وبساطة البناء وقلة الفخامة الظاهرية أقرب إلى أن تعلل بأن سيطرة ملوك العصر على موارد البلاد أصبحت أقل نوعًا من سيطرة الأسرة الرابعة عليها، وأن نصيبًا من موارد الخزانة الحكومية تسرب على معابد رع وأنصاره، فضلًا عن معابد بقية الأرباب الأخر الذين احتفظ المصريون بالولاء لهم جنبًا إلى جنب مع معبودهم الأكبر رع.
ثانيًا- اهتم الأسلوب الفني للمعابد الملحقة بها، أي معابد الشعائر ومعابد الوادي فضلًا عن الطرق الواصلة بينها، بعنصر الزخرف أكثر مما اهتم به الأسلوب الفني لمعابد الأسرة الرابعة. ووضح هذا الاهتمام في تشكيل أساطينها على هيئة النخيل والبردي، أو على الأصح تشكيل تيجانها أي أجزائها العلوية على هيئة سعف النخيل وزهور البردي، ووضح كذلك في كثرة المناظر المنقوشة على جدرانها الداخلية، كثرة
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح الجزء : 1 صفحة : 128