responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 101
ذي الضوء الساطع، الذي اعتبروه أنثى وسموه سوبدة، عن مجال الرؤية نحو سبعين يومًا، يعود فيتألق في أفق السماء ويبقى حتى مطلع الشمس المبكر كأنما ليبشر ببداية الفيضان. ولما استقرت هذه الظاهرة في أذهانهم، ولحظوها زمنًا، أصبحوا يترقبون اجتماع هذه الظواهر الطبيعية عن قصد، وأطلقوا على الشعرى لقب جالبة الفيضان، واعتبروا بداية ظهورها في الأفق الشرقي عند الفجر "حوالي 17 يوليو من التقويم اليولياني" أول يوم في أول شهر في أول فصل، وهو فصل الفيضان. ثم حسبوا ما بين كل ظهور صادق وظهور صادق آخر للشعرى مع مطلع الشمس، فوجدوه 365 يومًا، ووجوده يتضمن اثني عشر شهرًا قمريًّا وكسورًا لا تصل إلى نصف شهر، فأكملوا عدة كل شهر ثلاثين يومًا وتبقت خمسة أيام احتسبوها نسيئًا وأعيادًا. ثم اعتبروا السنة ثلاثة فصول: فصل الفيضان "آخة"، وفصل خروج النبت "من الأرض" "برة" وهو يوازي فصل الشتاء، ثم فصل التحاريق "شمو". وكان من المتوقع أن تتم هذه الخطوة البارعة في عهد نشاط ينزع أهله إلى التجديد ويسعون إليه، وكان فيما يرجحه المعترضون على رأي زيته وزملائه عهد زوسر. ولم يسجل المصريون شيئًا عن مراحل هذه الخطوة في حينها أو في عهد آخر من عهود الدولة القديمة، ولكنهم أرخوا بالفصول والشهور الاثني عشر بالفعل بعد عهد زوسر[1]. ثم أشار خلفاؤهم إلى دورة الشعرى في وثائقهم ثلاث مرات على أقل تقدير على فترات متباعدة[2]. غير أن هذه الخطوة التي ربط المصريون بينها وبين دورة الشعرى، كما ربطوا بينها وبين الانقلاب الشمسي قصدًا أو اتفاقًا، وقسموا الشهور على أساسها اثني عشر شهرًا، وسبقوا بها كل شعوب العالم القديم التي ظلت تؤرخ بالتقويم القمري وحده لم تكن بغير نقيصة تؤخذ عليها، فهم قد احتسبوا سنتهم 365 يومًا وليس 365 يومًا وربع يوم، وكان من شأن ربع اليوم أن يصبح يومًا كل أربع سنوات، ويصبح شهرًا كل 121 عامًا وربع عام تقريبًا، وبمعنى آخر كان من شأن بداية السنة المدنية الفلكية "الشمسية الشعرية" أن تتأخر عن بداية الفيضان الفعلية شهرًا بعد كل 121 عامًا وربع عام، ثم لا تعود لتتفق معها إلا بعد أن يبلغ الفارق بينهما حولًا كاملًا، بعد كل 1456 عامًا.
ولم تتكرر ظاهرة الاتفاق بين البدايتين، بداية السنة المدنية أو الفلكية وبداية الفيضان، غير ثلاث مرات منذ أن بدأ المصريون توقيتهم: عام 2773ق. م وهو عام البداية[3]، وعام 1317ق. م وهو عام تو سيتي الأول، ثم عام 139م – وقد سجل هذه المرة الأخيرة الروماني المتوطن كنسورينوس وأثبت أن نجم سوبدة ظهر في موعده[4].

[1] ذكر فصل "شمو" في حوليات سنفرو رأس الأسرة الرابعة.
وتأكد اعتبار السنة 365 يومًا في حوليات الأسرة الخامسة، ولو أن هذا لا يمنع من أنه بدأ قبلها.
[2] في وثائق من العام السابع لحكم سنوسرت الثالث حوالي عام 1872، وفي العام التاسع من حكم أمنحوتب الأول حوالي 1536، وخلال عهد تحوتمس الثالث حوالي عام 1469.
[3] أو عام 2776 كما يظن شارف، أو بين 2770، 2798 كما يظن سيدني سميث، أو بين 2773 - 2770 كما يظن ... J. Arch., Xlix, 1945, 24.
[4] أما في عرف من رجعوا ببداية التوقيت على فجر التاريخ فقد حدث التوافق أربع مرات بدأت أولاها بين "4241، و6 ... ق. م. أو بين 4229 و4226ق. م.
اسم الکتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست