responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي المؤلف : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    الجزء : 1  صفحة : 282
في الواقع في كل التاريخ البشري، بل إن نصوص القرآن الكريم تبين لنا في جلاء أن حمل الناس جميعا على اعتناق دين واحد أمر صعب بل يكاد يكون مستحيلا.
انظر على سبيل المثال إلى قوله تعالى لنبيه- عليه الصلاة والسلام-: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس: 99] ، وقوله تعالى: وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف: 103] ، وقوله تعالى:
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ [هود: 118، 119] .
فمعنى عالمية الإسلام إذا أنه دين مفتوح لكل البشر وملائم لفطر كل الناس، والدعوة إليه لا تكون بالسيف- كما يدعي خصومه- بل بالحكمة والموعظة الحسنة كما يقول الله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256] ، ولا يستطيع أي إنسان أن يدلنا على مثل واحد أجبر المسلمون فيه أحدا على اعتناق الإسلام بالقوة في أي زمن وعلى أية أرض.
وإنما الثابت تاريخيّا والذي يؤكده الباحثون الغربيون [1] - قبل المسلمين- أن الذين اعتنقوا الإسلام في كل زمان وفي كل أرض، اعتنقوه عن قناعة وحرية مطلقة، ولو كانت القوة هي وسيلة الإسلام للانتشار لما بقي إنسان واحد في كل البلاد المفتوحة على دين غير دين الإسلام. وهناك مجموعة من العوامل شجعت الناس على اعتناق الإسلام، إضافة إلى طبيعته العالمية نوجزها فيما يلي:
1- المعاملة السمحة الكريمة التي عامل بها الفاتحون المسلمون أبناء البلاد المفتوحة، واحترام آدميتهم وكرامتهم، ولقد تجلت تلك المعاملة لا في نصوص المعاهدات التي نظمت العلاقات بين المسلمين الفاتحين وبين أبناء البلاد المفتوحة الذين فضلوا البقاء على أديانهم فحسب، بل في الوفاء من جانب المسلمين بتلك المعاهدات والالتزام بها بأمانة وشرف.
فلم يحمل الظفر والنصر المسلمين على البطر والتكبر والتجبر على أبناء البلاد المفتوحة وإهانتهم وإذلالهم، بل بالعكس كانوا كرماء معهم- حتى مع الذين

[1] انظر على سبيل المثال الكتب الآتية: الدعوة إلى الإسلام، لمؤلفه توماس آرنولد، تاريخ الترك في آسيا الوسطى- لمؤلفه بارتولد، تاريخ بخارى، لمؤلفه أرمينيوس فامبري، وكلهم باحثون أوربيون؛ لتقف على مدى سماحة الإسلام والمسلمين في معاملة أهالي البلاد المفتوحة وأثر تلك السماحة في انتشار الإسلام.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي المؤلف : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست