responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي المؤلف : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    الجزء : 1  صفحة : 246
يريد الاستيلاء على هذه المدينة العتيدة، وكان على قناعة تامة أنه إذا استطاع الاستيلاء عليها فإن الدولة البيزنطية نفسها سوف تسقط وتنتهي، لأن العواصم للدول بمثابة مركز الأعصاب للإنسان، ولقد كان متأثرا في ذلك بما حدث للدولة الفارسية، فعند ما نجح المسلمون في الإستيلاء على عاصمتها المدائن، انهارت مقاومة الفرس بعدها، وفتح المسلمون كل بلادهم وزالت الدولة الفارسية العتيدة والتي كانت تنافس الروم في زعامة العالم يومئذ، ولم يعد لها وجود. لذلك كرس معاوية جهوده وحشد أساطيله، وغزا عاصمة القياصرة أكثر من مرة سنة (49- 50 هـ/ 669- 670 م) . ومرة أخرى استمر غزوه وحصاره لها نحو سبع سنوات [1] (54- 60 هـ/ 674- 680 م) ، وقد اشترك الأسطول المصري مع الأسطول الشامي في هذا الغزو بعدد هائل من المراكب، نحو ثلاثمائة مركب من المراكب الكبيرة، المزودة بالات القذف التي تتكون من المجانيق وآلات رمي الحجارة [2] .
وهكذا أدى التعاون الوثيق بين مصر والشام في ميدان بناء الأساطيل البحرية إلى بروز قوة بحرية، لم تنجح في حماية شواطئهما من هجمات الروم فحسب، بل أصبحت خطرا على عاصمتهم- القسطنطينية- نفسها، وإذا كان معاوية لم ينجح في فتح القسطنطينية لأسباب كثيرة يطول شرحها، فإنه قد ينجح في جعل الدولة البيزنطية العتيدة تقف موقف الدفاع عن كيانها وعن عاصمتها، كما أن نظرية معاوية كانت سليمة تماما، فإن ما قدره وجعله هدفه قد تحقق بعده بنحو ثمانية قرون، فعندما نجح السلطان العثماني محمد الفاتح في فتح القسطنطينية والاستيلاء عليها سنة (857 هـ/ 1453 م) سقطت الدولة البيزنطية على الفور وانتهت من الوجود، وأصبحت عاصمة القياصرة عاصمة للدولة العثمانية.

* دور المصريين في إنشاء أسطول المغرب العربي:
تأخر فتح المغرب العربي وأخذ وقتا طويلا، حيث استغرق نحو سبعين عاما من الزمان، وأسباب ذلك كثيرة [3] ؛ منها انشغال الدولة الإسلامية بالفتن والحروب

[1] تاريخ الطبري (5/ 232/ 293) .
[2] د. سعاد ماهر- البحرية في مصر الإسلامية- مرجع سابق (ص 75) .
[3] من أهم الأسباب كذلك أن سكان المغرب العربي، الذين يشيع إطلاق كلمة البربر عليهم وهي تسمية لا يرتاحون إليها هم؛ لأن الرومان هم الذين كانوا قد أطلقوها عليهم، أما هم فيرتاحون إلى تسميتهم بالأمازيغ، أي الأحرار بلغتهم. هؤلاء الأمازيغ لديهم عزة وأنفة واعتزاز بكرامتهم لا يقل عما-
اسم الکتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي المؤلف : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست