وإذ ما أتيت بنى مازن ... فلا تفل رأساً ولا تغسل
فليتك لم تك من مازن ... وليتك في البطن لم تحمل
وليت سنانك صنارة ... وليت رميحك من مغزل
تجاوزت جمران من ساعة ... وقلت قساس من الحرمل
وقلت عماية أرض فضاء ... فلأياً أؤوب إلى معقل
قال: ثم إن أوفى غزا مع مجمع، وهو أبو وردان العكلى فغنما فبينا أوفى راقد أخذ مجمع سلاح أوفى فجدعه بالسيف وأخذ ما غنما. فقال أوفى:
أبلغ أسيد والهجيم ومازناً ... ما أحدثت عكل من الحدثان
يا قوم إني لو خشيت مجمعاً ... رويت منه صعدتى وسنانى
وهلك أوفى.
أغربة العرب ثلاثة
وإنما سموا أغربة، لأن أمهاتهم سود، عنترة بن شداد العبسي، وأمه زبيبة، وخفاف بن عمير الشريدي، من بني سليم، وأمه ندبة، وإليها ينسب، وسليك بن السلكة السعدي.
وكانوا شعراء شجعة، فكان يقال لعنترة عنترة الفوارس وهو الذي قتل ضمضماً المرى أبا حصين، وهرم في حرب داحس وغبراء وإياهما عنى بقوله في كلمته الطويلة:
ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن ... للحرب دائرة على ابني ضمضم
الشاتمى عرضى ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم ألقهما دمى
إن يثلبا عرضي فإن أباهما ... جزر السباع وكل نسر قشعم
وهو القائل في حرب ابنى بغيض، وكان من فرسانهم:
بكرت تخوفنى الحتوف كأنني ... أصبحت من غرض الحتوف بمعزل
فأجبتها إن المنية منهل ... لابد أن أسقى بذاك المنهل
فاقنى حياءك لا أبالك واعلمى ... أني امرؤ سأموت إن لم أقتل
إن المنية لو تمثل مثلت ... مثلى إذا نزلوا بضنك المنزل
إذا لا أبادر في المضيق فوارسي ... أو لا أوكل بالرعيل الأول
وكان قال له أبوه: كر عنترة، فقال: لا يحسن العبد الكر إلا الحلب والصر، قال: أنت عتيق، قال: وكان الرجل في الجاهلية إذا كان له ولد من أمة استعبده، قال فكر وهو يقول:
كل امرء يحمى حره
أسوده وأحمره
والشعرات المشعره
الواردات مشفره
قال أبو عبيدة: وحدثني غير واحد من غطفان أن عنترة بعدما تأوب عبس إلى غطفان، وبعد يوم جبلة وحمل الدماء احتاج، وكان صاحب غارات فكبر وعجز عنها وكان له بكر على رجل من غطفان فخرج قلبه يتجازاه فهاجت به رائحة من صيف نافحة وهي بين شرج وناظرة فأصابت الشيخ فهرأته فوجد ميتاً بينهما.
وخفاف الذي يقول:
يا هند يا أخت بني الصارد ... ما أنا بالباقي ولا الخالد
إن أمس لا أملك شيئاً فقد ... أملك أمر المنسر الحارد
المنسر: الجيش. والحارد: القاصد.
قال أبو عبيدة: وحدثني أبو بلال سهم بن أبي عباس بن مرداس قال: غزا معاوية بن عمرو الشريدي وهو أخو خنساء مرة فزارة ومعه خفاف بن ندبة فاعتور معاوية هاشم ودريد ابنا حرملة المريان فاستطرد له أحدهما وشد عليه الآخر وقتله، فلما تنادوا قتل معاوية قال: خفاف قتلني الله إن رمت حتى أثأر به فشد علي مالك بن حمار سيد شمخ بن فزارة فقتله وأنشأ يقول:
فإن تك خيلى قد أصيب صميمها ... فعمداً على عيني تيممت مالكا
وقفت له جلوى وقد خام صحبتي ... لأبني مجداً أو لأثأر هالكا
أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمل خفافاً إنني أنا ذالكا
قال أبو عبيدة: وحدثني منتجع بن نبهان، قال: كان السليك إذا كان الربيع استودع بيض النعام ماء ثم دفنه فإذا كان الصيف وانقطعت غارة الخيل - وكان أدل من القطاة - فيجئ حتى يقف على البيضة وكان لا يغير على مضر، إنما يغير على أهل اليمن فإذا لم يتيسر ذاك أغار على ربيعة، وكان يؤتى عبد الملك بن مويلك الخثعمى إتاوة من غنيمته على أن يجيزه، فيجاوزه إلى من وراءهم من أهل اليمن فيغير عليهم، قال: فمر سليك قافلاً من غزوة فإذا بيت من خثعم أهله خلوف وفيه امرأة شابة بضة فسألها عن الحي فأخبرته فتسنمها ثم التحم المحبة، فبادرته إلى الماء فأخبرت القوم فركب أنس بن مدرك الخثعمي فقتله، فقال عبد الملك: والله لأقتلن قاتله أو ليدينه، قال أنس: والله لا أديه، ابن أفال. ثم قال: