اسم الکتاب : البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب المؤلف : ابن عذاري المراكشي الجزء : 1 صفحة : 257
البادية عن أوطانهم وخلت أكثر المنازل فلم يبقى لها وارث وع هذه الشدة وباء طاعون هلك فيه أكثر الناس من غني ومحتاج فلا ترى متصرفا إلا في علاج أو عيادة مريض أو آخذا في جهاز ميت أو تشيع جنازة أو انصرف من دفن. وكان الضعفاء يجمعون إلى باب سالم فتحفر لهم أخاديد ويدفن المائة والأكثر في الأخدود الواحد فمات من طبقات الناس وأهل العلم والتجار والنساء والصبيان ما لا يحصى عددهم إلا خالقهم تعالى وخلت المساجد بمدينة القيروان وتعطلت الأفران والحمامات. وكان الناس يوقدون أبواب بيوتهم وخشب سقوفهم. وجاء خلق من أهل الحاضرة والبادية إلى جزيرة صقلية. وكانت الرمانة بدرهمين للمريض في ذلك الوقت والفروج بثلاثين درهما وقيل أن أهل البادية أكل بعضهم بعضا. كذا ذكر أبو إسحاق الرقيق.
وفي سنة 396، كثر الخصب بأفريقية ورخصت الأسعار وأرتفع الوباء عن الناس وفيها ثار ببرقة الوليد بن هشام وأدعى أنه من بني أمية من ولد المغيرة وكان ظهوره في العام الفارط عن هذه كان معلما ببرقة فرأى في أهل برقة فرصة فانتسب لهم وعرفهم أم عنده روايات وعلما وأنه هو الذي يملك مصر ويقتل الجبابرة وأعانه على ذلك قوم من لواتة وزناتة فنصبوه إماماً واجتمعوا عليه. ثم أقبل البربر من كل ناحية إليه فزحف إلى برقة وحاصرها حتى فتحها وذلك في رجب من العام الفارط ثم قوى أمره في هذه السنة، فأخرج الحاكم إليه جيشا فكان بينهم قتال شديد إلى أن هزم عسكر مصر وقتل قائده. وفيها توفي عامل أفريقية محمد بن أبي العرب. وفيها قتل الحاكم قاضيه وأحرقه بالنار على أكله أموال الأيتام. وفي سنة 397 استحلف أمر الثائر ببرقة الوليد بن هشام وكثرت جموعه
اسم الکتاب : البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب المؤلف : ابن عذاري المراكشي الجزء : 1 صفحة : 257