responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 495
يَعْنِي: أَنَا يُوسُفُ الَّذِي صَنَعْتُمْ مَعَهُ مَا صَنَعْتُمْ، وَسَلَفَ مِنْ أَمْرِكُمْ فِيهِ مَا فَرَّطْتُمْ. وَقَوْلُهُ: {وَهَذَا أَخِي} [يوسف: 90] تَأْكِيدٌ لِمَا قَالَ وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا كَانُوا أَضْمَرُوا لَهُمَا مِنَ الْحَسَدِ، وَأَعْمَلُوا فِي أَمْرِهِمَا مِنَ الِاحْتِيَالِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 90] . أَيْ بِإِحْسَانِهِ إِلَيْنَا، وَصَدَقَتِهِ عَلَيْنَا، وَإِيوَائِهِ لَنَا، وَشَدِّهِ مَعَاقِدَ عِزِّنَا، وَذَلِكَ بِمَا أَسْلَفْنَا مِنْ طَاعَتِهِ، وَصَبْرِنَا عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ إِلَيْنَا، وَطَاعَتِنَا وَبِرِّنَا لِأَبِينَا، وَمَحَبَّتِهِ الشَّدِيدَةِ لَنَا، وَشَفَقَتِهِ عَلَيْنَا {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 90] . أَيْ فَضَّلَكَ، وَأَعْطَاكَ مَا لَمْ يُعْطِنَا: {وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: 91] . أَيْ فِيمَا أَسْدَيْنَا إِلَيْكَ، وَهَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] . أَيْ لَسْتُ أُعَاتِبُكُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا، ثُمَّ زَادَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} [يوسف: 92] . وَابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ: {الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: 92] . فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَذْهَبُوا بِقَمِيصِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ فَيَضَعُوهُ عَلَى عَيْنَيْ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِ بَصَرُهُ بَعْدَ مَا كَانَ ذَهَبَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَهَذَا مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَدَلَائِلِ النُّبُوَّاتِ وَأَكْبَرِ الْمُعْجِزَاتِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَحَمَّلُوا بِأَهْلِهِمْ أَجْمَعِينَ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ إِلَى الْخَيْرِ وَالدَّعَةِ وَجَمْعِ الشَّمْلِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَأَعْلَى الْأُمُورِ.
{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف: 94]
[يُوسُفَ: 94 - 98] .

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 495
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست