responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 437
رَجْفَةٌ أَيْ رَجَفَتْ بِهِمْ أَرْضُهُمْ، وَزُلْزِلَتْ زِلْزَالًا شَدِيدًا أَزْهَقَتْ أَرْوَاحَهُمْ مِنْ أَجْسَادِهَا، وَصَيَّرَتْ حَيَوَانَاتِ أَرْضِهِمْ كَجَمَادِهَا، وَأَصْبَحَتْ جُثَّتُهُمْ جَاثِيَةً لَا أَرْوَاحَ فِيهَا وَلَا حَرَكَاتٍ بِهَا وَلَا حَوَاسَّ لَهَا، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْوَاعًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَصُنُوفًا مِنَ الْمَثُلَاتِ، وَأَشْكَالًا مِنَ الْبَلِيَّاتِ، وَذَلِكَ لِمَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنْ قَبِيحِ الصِّفَاتِ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رَجْفَةً شَدِيدَةً أَسْكَنَتِ الْحَرَكَاتِ، وَصَيْحَةً عَظِيمَةً أَخْمَدَتِ الْأَصْوَاتَ، وَظُلَّةً أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا شَرَرَ النَّارِ مِنْ سَائِرِ أَرْجَائِهَا وَالْجِهَاتِ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كُلِّ سُورَةٍ بِمَا يُنَاسِبُ سِيَاقَهَا وَيُوَافِقُ طِبَاقَهَا فِي سِيَاقِ قِصَّةِ الْأَعْرَافِ أَرَجَفُوا نَبِيَّ اللَّهِ وَأَصْحَابَهُ، وَتَوَعَّدُوهُمْ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ قَرْيَتِهِمْ أَوْ لَيَعُودُنَّ فِي مِلَّتِهِمْ رَاجِعِينَ فَقَالَ تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 91] . فَقَابَلَ الْإِرْجَافَ بِالرَّجْفَةِ، وَالْإِخَافَةَ بِالْخِيفَةِ، وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِهَذَا السِّيَاقِ، وَمُتَعَلِّقٌ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ السِّيَاقِ، وَأَمَّا فِي سُورَةِ هُودٍ فَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لِنَبِيِّ اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّنَقُّصِ: {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87] . فَنَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ الصَّيْحَةَ الَّتِي هِيَ كَالزَّجْرِ عَنْ تَعَاطِي هَذَا الْكَلَامِ الْقَبِيحِ الَّذِي جَهَّلُوا بِهِ هَذَا الرَّسُولَ الْكَرِيمَ الْأَمِينَ الْفَصِيحَ فَجَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ أَسْكَتَتْهُمْ مَعَ رَجْفَةٍ أَسْكَنَتْهُمْ. وَأَمَّا فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخَذَهُمْ {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] . وَكَانَ ذَلِكَ إِجَابَةً لِمَا طَلَبُوا، وَتَقْرِيبًا إِلَى مَا إِلَيْهِ رَغِبُوا فَإِنَّهُمْ قَالُوا:

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 437
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست