responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 430
{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ} [الأعراف: 85] . أَيْ طَرِيقٍ تُوعِدُونَ أَيْ تَتَوَعَّدُونَ النَّاسَ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ مِنْ مُكُوسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَتُخِيفُونَ السُّبُلَ قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} [الأعراف: 86] . أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْعُشُورَ مِنْ أَمْوَالِ الْمَارَّةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا قَوْمًا طُغَاةً بُغَاةً يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيقِ يَبْخَسُونَ النَّاسَ يَعْنِي يَعْشُرُونَهُمْ، وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: 86] . فَنَهَاهُمْ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ الْحِسِّيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ الدِّينِيَّةِ {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 86] . ذَكَّرَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي تَكْثِيرِهِمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَحَذَّرَهُمْ نِقْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ إِنْ خَالَفُوا مَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ لَهُمْ فِي الْقِصَّةِ الْأُخْرَى: {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود: 84] . أَيْ لَا تَرْكَبُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَتَسْتَمِرُّوا فِيهِ، فَيَمْحَقَ اللَّهُ بَرَكَةَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ وَيُفْقِرَكُمْ، وَيُذْهِبَ مَا بِهِ يُغْنِيكُمْ، وَهَذَا مُضَافٌ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَمَنْ جُمِعَ لَهُ هَذَا وَهَذَا فَقَدْ بَاءَ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ، فَنَهَاهُمْ أَوَّلًا عَنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ التَّطْفِيفِ، وَحَذَّرَهُمْ سَلْبَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَعَذَابَهُ الْأَلِيمَ فِي أُخْرَاهُمْ، وَعَنَّفَهُمْ أَشَدَّ تَعْنِيفٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ آمِرًا بَعْدَمَا كَانَ عَنْ ضِدِّهِ زَاجِرًا:

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 430
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست