responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 217
إِلَى مَكَّةَ، وَاسْتَحْفَظَ السَّمَاوَاتِ عَلَى بَنِيهِ فَأَبَيْنَ، وَالْأَرَضِينَ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ، فَتَقَبَّلَ قَابِيلُ بِحِفْظِ ذَلِكَ، فَلَمَّا ذَهَبَ قَرَّبَا قُرْبَانَهُمَا، فَقَرَّبَ هَابِيلُ جَذَعَةً سَمِينَةً، وَكَانَ صَاحِبَ غَنَمٍ، وَقَرَّبَ قَابِيلُ حِزْمَةً مِنْ زَرْعٍ مِنْ رَدِيءِ زَرْعِهِ، فَنَزَلَتْ نَارٌ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ فَغَضِبَ. وَقَالَ: لِأَقْتُلَنَّكَ حَتَّى لَا تَنْكِحَ أُخْتِي. فَقَالَ: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ لَأَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ، وَلَكِنْ مَنْعَهُ التَّحَرُّجُ أَنْ يَبْسُطَ إِلَيْهِ يَدَهُ.
وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: أَنَّ آدَمَ كَانَ مُبَاشِرًا لِتَقَرُّبِهِمَا الْقُرْبَانَ، وَالتَّقَبُّلُ مِنْ هَابِيلَ دُونَ قَابِيلَ، فَقَالَ: قَابِيلُ لِآدَمَ: إِنَّمَا تَقُبِّلَ مِنْهُ لِأَنَّكَ دَعَوْتَ لَهُ، وَلَمْ تَدْعُ لِي. وَتَوَعَّدَ أَخَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَبْطَأَ هَابِيلُ فِي الرَّعْيِ، فَبَعَثَ آدَمُ أَخَاهُ قَابِيلَ لِيَنْظُرَ مَا أَبْطَأَ بِهِ، فَلَمَّا ذَهَبَ إِذَا هُوَ بِهِ فَقَالَ لَهُ: تُقُبِّلَ مِنْكَ، وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنِّي. فَقَالَ: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. فَغَضِبَ قَابِيلُ عِنْدَهَا، وَضَرَبَهُ بِحَدِيدَةٍ كَانَتْ مَعَهُ فَقَتَلَهُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ بِصَخْرَةٍ رَمَاهَا عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ نَائِمٌ فَشَدَخَتْهُ. وَقِيلَ: بَلْ خَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا وَعَضًّا، كَمَا تَفْعَلُ السِّبَاعُ فَمَاتَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ لَهُ لَمَّا تَوَعَّدَهُ بِالْقَتْلِ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 28] . دَلَّ عَلَى خُلُقٍ حَسَنٍ، وَخَوْفٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَشْيَةٍ مِنْهُ، وَتَوَرُّعٍ أَنْ يُقَابِلَ أَخَاهُ بِالسُّوءِ الَّذِي أَرَادَ مِنْهُ أَخُوهُ مِثْلُهُ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ،

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط هجر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست