responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 79
فَنَادَاهُ رَبُّهُ أَفِرَارًا مِنِّي يَا آدَمُ قَالَ بَلْ حَيَاءً مِنْكَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مِمَّا جِئْتُ بِهِ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الحسن عن يحيى بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. وَهَذَا أَصَحُّ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يُدْرِكْ أُبَيًّا ثُمَّ أَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ خَيْثَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ الاطرابلسى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبِي قِرْصَافَةَ الْعَسْقَلَانِيِّ عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ عَنْ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قَالَا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ من الْخاسِرِينَ 7: 22- 23 وَهَذَا اعْتِرَافٌ وَرُجُوعٌ إِلَى الْإِنَابَةِ وَتَذَلُّلٌ وَخُضُوعٌ وَاسْتِكَانَةٌ وَافْتِقَارٌ إِلَيْهِ تَعَالَى فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ وَهَذَا السِّرُّ مَا سَرَى فِي أَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَّا كَانَتْ عَاقِبَتُهُ إِلَى خَيْرٍ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 7: 24 وَهَذَا خِطَابٌ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ. قِيلَ وَالْحَيَّةُ مَعَهُمْ أُمِرُوا أَنْ يَهْبِطُوا مِنَ الْجَنَّةِ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ مُتَعَادِينَ مُتَحَارِبِينَ وَقَدْ يُسْتَشْهَدُ لِذِكْرِ الْحَيَّةِ مَعَهُمَا بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ وَقَالَ مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ طه قَالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ 20: 123 هو أمر لآدم وإبليس وَاسْتَتْبَعَ آدَمَ حَوَّاءُ وَإِبْلِيسَ الْحَيَّةُ وَقِيلَ هُوَ أَمْرٌ لَهُمْ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ 21: 78 وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُدَّعٍ وَمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ وَأَمَّا تَكْرِيرُهُ الْإِهْبَاطَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَوْلِهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ 2: 36- 39 فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ الْمُرَادُ بِالْإِهْبَاطِ الْأَوَّلِ الْهُبُوطُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَبِالثَّانِي مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ لِقَوْلِهِ في الأول قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ 2: 36 فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ أُهْبِطُوا إِلَى الْأَرْضِ بِالْإِهْبَاطِ الْأَوَّلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَرَّرَهُ لَفْظًا وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا وَنَاطَ مَعَ كُلِّ مَرَّةٍ حُكْمًا فَنَاطَ بِالْأَوَّلِ عَدَاوَتَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِالثَّانِي الِاشْتِرَاطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ مَنْ تَبِعَ هُدَاهُ الَّذِي ينزله عليهم بعد ذلك فهو السَّعِيدُ وَمَنْ خَالَفَهُ فَهُوَ الشَّقِيُّ وَهَذَا الْأُسْلُوبُ فِي الْكَلَامِ لَهُ نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ.
وروى الحافظ بن عَسَاكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ أَمَرَ اللَّهُ مَلَكَيْنِ أَنْ يُخْرِجَا آدَمَ وَحَوَّاءَ مِنْ جِوَارِهِ فَنَزَعَ جِبْرِيلُ التَّاجَ عَنْ رَأْسِهِ وَحَلَّ مِيكَائِيلُ الْإِكْلِيلَ عَنْ جَبِينِهِ وَتَعَلَّقَ بِهِ غُصْنٌ فَظَنَّ آدَمُ أَنَّهُ قَدْ عُوجِلَ بِالْعُقُوبَةِ فَنَكَّسَ رَأْسَهُ يَقُولُ العفو العفو فقال الله فرارا منى قَالَ بَلْ حَيَاءً مِنْكَ يَا سَيِّدِي وَقَالَ الأوزاعي

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 79
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست