responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 285
عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ لَأَنَّ هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمَا هاجر أبو هريرة إلا عام حنين مُتَأَخِّرًا فَيَبْعُدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَذَا إِلَّا بَعْدَ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الْبَشَرِ بَلِ الْخَلِيقَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ 3: 110 وَمَا كَمُلُوا إِلَّا بِشَرَفِ نَبِيِّهِمْ وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ) ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِصَاصَهُ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ الَّذِي يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ الَّذِي تَحِيدُ عَنْهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ حَتَّى أُولُو الْعَزْمِ الْأَكْمَلُونَ نُوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى بن مَرْيَمَ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَأَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِقَائِمَةِ الْعَرْشِ) أَيْ آخِذًا بِهَا (فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الصَّعْقَ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْخَلَائِقِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ حِينَ يَتَجَلَّى الرَّبُّ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ فَيُصْعَقُونَ مِنْ شِدَّةِ الْهَيْبَةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ فَيَكُونُ أَوَّلَهُمْ إِفَاقَةً مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَمُصْطَفَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَيَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِقَائِمَةِ الْعَرْشِ قَالَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (لَا أَدْرِي أَصُعِقُ فَأَفَاقَ قَبْلِي) أَيْ كَانَتْ صَعْقَتُهُ خَفِيفَةً لِأَنَّهُ قَدْ نَالَهُ بِهَذَا السَّبَبِ فِي الدُّنْيَا صَعْقٌ أَوْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ يَعْنِي فَلَمْ يُصْعَقْ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا فِيهِ شرف كبير لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. وَلَا يَلْزَمُ تَفْضِيلُهُ بِهَا مُطْلَقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِهَذَا نَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَرَفِهِ وَفَضِيلَتِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَمَّا ضَرَبَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ حِينَ قَالَ (لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ) قَدْ يَحْصُلُ فِي نُفُوسِ الْمُشَاهِدِينَ لِذَلِكَ هَضْمٌ بِجَنَابِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَتَهُ وَشَرَفَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى قَالَ يَا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي 7: 144 أَيْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا كَمَا ظَهَرَ شَرَفُهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ وَكَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ سَأَقُومُ مَقَامًا يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ حَتَّى إِبْرَاهِيمُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ من الشَّاكِرِينَ 7: 144 أَيْ فَخُذْ مَا أَعْطَيْتُكَ مِنَ الرِّسَالَةِ وَالْكَلَامِ وَلَا تَسْأَلْ زِيَادَةً عَلَيْهِ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَتَبْنا لَهُ في الْأَلْواحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ 7: 145 وَكَانَتِ الْأَلْوَاحُ مِنْ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ فَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ لَهُ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ وَفِيهَا مَوَاعِظُ عَنِ الْآثَامِ وَتَفْصِيلٌ لِكُلِّ مَا يَحْتَاجُونَ إليه من الحلال والحرام فَخُذْها بِقُوَّةٍ 7: 145 أَيْ بِعَزْمٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ قَوِيَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها 7: 145 أي يضعوهما على أحسن وجوهها وأجمل محاملها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ 7: 145 أَيْ سَتَرَوْا عَاقِبَةَ الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِي الْمُخَالِفِينَ لِأَمْرِي الْمُكَذِّبِينَ لِرُسُلِي. سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ 7: 146 عَنْ فَهْمِهَا وَتَدَبُّرِهَا وَتَعْقُّلِ مَعْنَاهَا الَّذِي أُرِيدَ مِنْهَا وَدَلَّ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهَا الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِها 7: 146 أَيْ وَلَوْ شَاهَدُوا مَهْمَا شَاهَدُوا مِنَ الْخَوَارِقِ وَالْمُعْجِزَاتِ لَا يَنْقَادُوا لِاتِّبَاعِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا 7: 146 أَيْ لَا يَسْلُكُوهُ وَلَا يَتَّبِعُوهُ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا 7: 146 أي صرفناهم

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست