responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 251
عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالتَّنَقُّصِ لِمَا قَرَّرَهُ مُوسَى عليه السلام ألا تسمعون يَعْنِي كَلَامَهُ هَذَا قَالَ مُوسَى مُخَاطِبًا لَهُ ولهم رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ 26: 26 أَيْ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ فِي الْآبَادِ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْ نَفْسَهُ وَلَا أَبُوهُ وَلَا أُمُّهُ وَلَمْ يَحْدُثْ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ وَإِنَّمَا أَوْجَدَهُ وَخَلَقَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَهَذَانِ الْمَقَامَانِ هُمَا الْمَذْكُورَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ 41: 53 وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ يَسْتَفِقْ فِرْعَوْنُ مِنْ رَقْدَتِهِ وَلَا نَزَعَ عَنْ ضَلَالَتِهِ بَلِ اسْتَمَرَّ عَلَى طُغْيَانِهِ وَعِنَادِهِ وَكُفْرَانِهِ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ 26: 27- 28 أي هو المسخر لهذه الكواكب الزاهرة. المسيرة لِلْأَفْلَاكِ الدَّائِرَةِ. خَالِقُ الظَّلَّامِ وَالضِّيَاءِ. وَرَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ رَبُّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ خَالِقُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ السَّائِرَةِ وَالثَّوَابِتِ الْحَائِرَةِ خَالِقُ اللَّيْلِ بِظَلَامِهِ وَالنَّهَارِ بِضِيَائِهِ وَالْكُلُّ تَحْتَ قَهْرِهِ وَتَسْخِيرِهِ وَتَسْيِيرِهِ سائرون وفلك يَسْبَحُونَ يَتَعَاقَبُونَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَيَدُورُونَ فَهُوَ تَعَالَى الْخَالِقُ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ. فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَجُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَانْقَطَعَتْ شُبَهُهُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ قَوْلٌ سِوَى الْعِنَادِ عَدَلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ سُلْطَانِهِ وَجَاهِهِ وَسَطْوَتِهِ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ. قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ 26: 29- 33 وَهَذَانِ هُمَا الْبُرْهَانَانِ اللَّذَانِ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمَا وَهَمَا الْعَصَا وَالْيَدُ. وَذَلِكَ مَقَامٌ أَظْهَرَ فِيهِ الْخَارِقَ الْعَظِيمَ الَّذِي بَهَرَ بِهِ الْعُقُولَ وَالْأَبْصَارَ حِينَ أَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ. أَيْ عَظِيمُ الشَّكْلِ بَدِيعٌ فِي الضَّخَامَةِ وَالْهَوْلِ وَالْمَنْظَرِ الْعَظِيمِ الْفَظِيعِ الْبَاهِرِ حَتَّى قِيلَ إِنَّ فرعون لما شاهد ذلك وعاينه أخذه رهب شَدِيدٌ وَخَوْفٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ إِنَّهُ حَصَلَ لَهُ إِسْهَالٌ عَظِيمٌ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فِي يوم وكان قبل ذلك لا يتبزر فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَانْعَكَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ وَهَكَذَا لَمَّا أَدْخَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدَهُ فِي جَيْبِهِ وَاسْتَخْرَجَهَا أَخْرَجَهَا وَهِيَ كَفِلْقَةِ الْقَمَرِ تَتَلَأْلَأُ نُورًا يَبْهَرُ الْأَبْصَارَ فَإِذَا أَعَادَهَا إِلَى جَيْبِهِ رَجَعَتْ إِلَى صِفَتِهَا الْأُولَى وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ يَنْتَفِعْ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلِ اسْتَمَرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ سِحْرٌ وَأَرَادَ مُعَارَضَتَهُ بِالسَّحَرَةِ فَأَرْسَلَ يَجْمَعُهُمْ مِنْ سَائِرِ مَمْلَكَتِهِ وَمَنْ فِي رَعِيَّتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَدَوْلَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ وَبَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ إِظْهَارِ اللَّهِ الْحَقَّ الْمُبِينَ وَالْحُجَّةَ الْبَاهِرَةَ الْقَاطِعَةَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ وَأَهْلِ دَوْلَتِهِ وَمِلَّتِهِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ طه فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يَا مُوسى وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى قَالَا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى قَالَ لَا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى 20: 40- 46 يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِمُوسَى فِيمَا كَلَّمَهُ بِهِ لَيْلَةَ أَوْحَى إِلَيْهِ وَأَنْعَمَ بِالنُّبُوَّةِ عَلَيْهِ وَكَلَّمَهُ منه اليه قد كنت مشاهدا

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 251
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست