responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 123
الْقِصَصِ فِي أَمَاكِنِهَا مِنْ كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ عَادٍ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْفَرْقَانِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَفِي سُورَةِ (ص) وَفِي سُورَةِ (ق) وَلْنَذْكُرْ مَضْمُونَ الْقِصَّةِ مَجْمُوعًا مِنْ هَذِهِ السِّيَاقَاتِ مَعَ مَا يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ أَوَّلُ الْأُمَمِ عَبَدُوا الْأَصْنَامَ بَعْدَ الطُّوفَانِ. وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً 7: 69 أَيْ جَعَلَهُمْ أَشَدَّ أَهْلِ زَمَانِهِمْ فِي الْخِلْقَةِ وَالشِّدَّةِ وَالْبَطْشِ. وَقَالَ فِي الْمُؤْمِنُونَ (ثُمَّ أَنْشَأْنا من بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) 23: 31 وَهُمْ قَوْمُ هُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَزَعَمَ آخَرُونَ أَنَّهُمْ ثَمُودُ لِقَوْلِهِ (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) 23: 41 قَالُوا وَقَوْمُ صَالِحٍ هَمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) 69: 6 وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَا يَمْنَعُ مِنِ اجْتِمَاعِ الصَّيْحَةِ وَالرِّيحِ الْعَاتِيَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي قِصَّةِ أَهْلِ مَدْيَنَ أَصْحَابِ الْأَيْكَةِ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ أَنْوَاعٌ مِنَ الْعُقُوبَاتِ ثُمَّ لَا خِلَافَ أَنَّ عَادًا قَبْلَ ثَمُودَ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَادًا كَانُوا عَرَبًا جُفَاةً كَافِرِينَ عُتَاةً مُتَمَرِّدِينَ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ فِيهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ فَكَذَّبُوهُ وَخَالَفُوهُ وَتَنَقَّصُوهُ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ فَلَمَّا أَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي طَاعَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ وَوَعَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ ذَلِكَ عُقُوبَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ 7: 66 أي هذا الأمر الّذي تدعونا اليه سفه بالنسبة الى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ من رَبِّ الْعالَمِينَ) 7: 67 أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَظُنُّونَ وَلَا مَا تَعْتَقِدُونَ (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) 7: 68 وَالْبَلَاغُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْكَذِبِ فِي أَصْلِ الْمُبَلِّغِ وَعَدَمَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنَّقْصِ مِنْهُ وَيَسْتَلْزِمُ إِبْلَاغَهُ بِعِبَارَةٍ فَصِيحَةٍ وَجِيزَةٍ جَامِعَةٍ مَانِعَةٍ لَا لَبْسَ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ وَلَا اضْطِرَابَ وَهُوَ مَعَ هَذَا الْبَلَاغِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فِي غَايَةِ النُّصْحِ لِقَوْمِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَالْحِرْصِ عَلَى هِدَايَتِهِمْ لَا يَبْتَغِي مِنْهُمْ أَجْرًا وَلَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ جُعْلًا بَلْ هُوَ مُخْلِصٌ للَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي الدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وَالنُّصْحِ لِخَلْقِهِ لَا يَطْلُبُ أَجْرَهُ إِلَّا مِنَ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَإِنَّ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلَّهُ فِي يَدَيْهِ وَأَمْرُهُ إِلَيْهِ ولهذا (قال يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) 11: 51 أَيْ مَا لَكُمْ عَقْلٌ تُمَيِّزُونَ بِهِ وَتَفْهَمُونَ أَنِّي أَدْعُوكُمْ إِلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ فِطَرُكُمُ الَّتِي خُلِقْتُمْ عَلَيْهَا وَهُوَ دِينُ الْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نُوحًا وَأَهْلَكَ مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْخَلْقِ وَهَا أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ وَلَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا عَلَيْهِ بَلْ أَبْتَغِي ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ مَالِكُ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ وَلِهَذَا قال مؤمن يس (اتَّبِعُوا من لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ. وَما لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) 36: 21- 22 وقال قوم هود له فيما قَالُوا (يَا هُودُ مَا جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ. إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ) 11: 53- 54 يَقُولُونَ مَا جِئْتَنَا بِخَارِقٍ يَشْهَدُ لَكَ بِصِدْقِ مَا جِئْتَ بِهِ وَمَا نَحْنُ بِالَّذِينِ

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست