responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 114
عَلَيْهِ وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا خَرَجَتْ بِهِ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلْثَهُ فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ خَرَجَتْ بِهِ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ. فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهَا رَفَعَتْهُ بِيَدَيْهَا فَغَرِقَا فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا لِرَحِمِ أُمَّ الصَّبِيِّ وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ شَبِيهٌ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَأَحْرَى بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا مُتَلَقًّى عَنْ مِثْلِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَقْصُودُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبْقِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا فَكَيْفَ يَزْعُمُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ عُوَجَ بن عنق ويقال بن عِنَاقَ كَانَ مَوْجُودًا مِنْ قَبْلِ نُوحٍ إِلَى زَمَانِ مُوسَى وَيَقُولُونَ كَانَ كَافِرًا مُتَمَرِّدًا جَبَّارًا عَنِيدًا وَيَقُولُونَ كَانَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ بَلْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ عُنُقُ بِنْتُ آدَمَ مِنْ زِنًا وَأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِهِ السَّمَكَ مِنْ قَرَارِ الْبِحَارِ وَيَشْوِيهِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِنُوحٍ وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ مَا هَذِهِ الْقُصَيْعَةُ الَّتِي لَكَ وَيَسْتَهْزِئُ بِهِ وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُ كان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاث مائة وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَثُلُثًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ الَّتِي لَوْلَا أَنَّهَا مُسَطَّرَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ التَّفَاسِيرِ وَغَيْرِهَا مِنَ التَّوَارِيخِ وَأَيَّامِ النَّاسِ لَمَا تَعَرَّضْنَا لِحِكَايَتِهَا لِسَقَاطَتِهَا وَرَكَاكَتِهَا ثُمَّ إِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ أَمَّا الْمَعْقُولُ فَكَيْفَ يَسُوغُ فِيهِ أَنْ يُهْلِكَ اللَّهُ وَلَدَ نُوحٍ لِكُفْرِهِ وَأَبُوهُ نَبِيُّ الْأُمَّةِ وَزَعِيمُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَلَا يُهْلِكُ عُوجَ بْنَ عُنُقَ وَيُقَالُ عَنَاقُ وَهُوَ أَظْلَمُ وَأَطْغَى عَلَى مَا ذَكَرُوا. وَكَيْفَ لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا وَلَا أُمَّ الصَّبِيِّ وَلَا الصَّبِيَّ وَيَتْرُكُ هَذَا الدَّعِيَّ الْجَبَّارَ الْعَنِيدَ الْفَاجِرَ الشَّدِيدَ الْكَافِرَ الشَّيْطَانَ الْمَرِيدَ عَلَى مَا ذَكَرُوا وَأَمَّا الْمَنْقُولُ فَقَدْ قَالَ الله تعالى ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ 26: 66 وَقَالَ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً 71: 26. ثُمَّ هَذَا الطُّولُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ) فَهَذَا نَصُّ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى 53: 3- 4 أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ أَيْ لَمْ يَزَلِ النَّاسُ فِي نُقْصَانٍ فِي طُولِهِمْ مِنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ مَنْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ فَكَيْفَ يُتْرَكُ هَذَا وَيُذْهَلُ عَنْهُ وَيُصَارُ إِلَى أَقْوَالِ الْكَذَبَةِ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ بَدَّلُوا كُتَبَ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةَ وَحَرَّفُوهَا وَأَوَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا فَمَا ظَنُّكَ بِمَا هُمْ يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه وَمَا أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عُوجَ بْنِ عَنَاقَ إِلَّا اخْتِلَاقًا مِنْ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ وَفُجَّارِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْدَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثم ذكر الله تعالى منا شدة نُوحٍ رَبَّهُ فِي وَلَدِهِ وَسُؤَالَهُ لَهُ عَنْ غَرَقِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْلَامِ وَالِاسْتِكْشَافِ وَوَجْهُ السُّؤَالِ أَنَّكَ وَعَدْتَنِي بِنَجَاةِ أَهْلِي مَعِي وَهُوَ مِنْهُمْ وَقَدْ غَرِقَ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ اى الذين

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط الفكر المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست