responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 7
ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ والسُّنة وَالْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ الْمَنْقُولَةِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَوَرَثَةِ الْأَنْبِيَاءِ، الْآخِذِينَ مِنْ
مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ الْمُصْطَفَوَيَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ عَلَى مَنْ جَاءَ بِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
وَلَسْنَا نَذْكُرُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ إِلَّا مَا أَذِنَ الشَّارِعُ فِي نَقْلِهِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، وسنَّة رَسُولِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْقِسْمُ الَّذِي لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُكَذَّبُ، مِمَّا فِيهِ بَسْطٌ لِمُخْتَصَرٍ عِنْدَنَا، أَوْ تَسْمِيَةٌ لِمُبْهَمٍ وَرَدَ بِهِ شَرْعُنَا مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِهِ لَنَا فَنَذْكُرُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّحَلِّي بِهِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ.
وَإِنَّمَا الِاعْتِمَادُ وَالِاسْتِنَادُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا صَحَّ نَقْلُهُ أَوْ حَسُنَ وَمَا كَانَ فِيهِ ضَعْفٌ نبيٍّنه.
وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الحيكم الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) وَقَدْ قصَّ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا مَضَى مِنْ خَلْقِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَذِكْرِ الْأُمَمِ الْمَاضِينَ، وَكَيْفَ فَعَلَ بِأَوْلِيَائِهِ، وَمَاذَا أَحَلَّ بِأَعْدَائِهِ.
وبَّين ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ بَيَانًا شَافِيًا، سَنُورِدُ عِنْدَ كُلِّ فَصْلٍ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا عَنْهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
مِنْ ذَلِكَ تِلْوَ الْآيَاتِ الْوَارِدَاتِ (1) فِي ذَلِكَ فَأَخْبَرَنَا بِمَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَتَرَكَ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِمَّا قَدْ يَتَزَاحَمُ عَلَى عِلْمِهِ وَيَتَرَاجَمُ فِي فَهْمِهِ طَوَائِفُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِكَثِيرٍ مِنَ الناس إليه.
وقد يستوعب نقله طائفة من علمائنا وَلَسْنَا نَحْذُو حَذْوَهُمْ وَلَا نَنْحُو نَحْوَهُمْ وَلَا نَذْكُرُ مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيلَ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِصَارِ.
ونبين ما فيه حق مما وافق ما عندنا، وما خالفه فوقع فِيهِ الْإِنْكَارُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله في صحيحه عن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسرائل وَلَا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا تَكْذِبُوا عليَّ وَمَنْ كذَّب عليَّ مُتَعَمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الْمَسْكُوتِ عَنْهَا عِنْدَنَا.
فَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا يُصَدِّقُهَا وَلَا مَا يُكَذِّبُهَا، فَيَجُوزُ رِوَايَتُهَا لِلِاعْتِبَارِ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَسْتَعْمِلُهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا * فَأَمَّا مَا شَهِدَ لَهُ شَرْعُنَا بِالصِّدْقِ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَيْهِ اسْتِغْنَاءً بِمَا عِنْدَنَا.
وَمَا شَهِدَ لَهُ شَرْعُنَا مِنْهَا بِالْبُطْلَانِ فَذَاكَ مَرْدُودٌ لَا يَجُوزُ حِكَايَتُهُ، إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالْإِبْطَالِ.
فَإِذَا كَانَ الله، سبحانه وله الحمد، قد أغنانا برسولنا مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، عَنْ سَائِرِ الشَّرَائِعِ،
وَبِكِتَابِهِ عَنْ سَائِرِ الْكُتُبِ، فَلَسْنَا نَتَرَامَى على ما بأيديهم مما وَقَعَ فِيهِ خَبْطٌ وَخَلْطٌ، وَكَذِبٌ وَوَضْعٌ، وَتَحْرِيفٌ وَتَبْدِيلٌ، وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ نَسْخٌ وَتَغْيِيرٌ.
فَالْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَدْ بيَّنه لَنَا رَسُولُنَا، وَشَرَحَهُ وَأَوْضَحَهُ.
عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ.
كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " كِتَابُ اللَّهِ فيه خير مَا قَبْلَكُمْ وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحَكْمُ مَا بينكم وهو الفضل لَيْسَ بِالْهَزْلِ.
مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ " وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَمَا طَائِرٌ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أَذْكَرَنَا منه علماً "

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست