responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 320
عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: " أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ [1] .
وَقَوْلُهُمْ النَّبِيَّةُ كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ مَلِكَةٌ وَمِنْ بَيْتِ الْإِمْرَةِ أَمِيرَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُبَاشِرَةً شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَكَذَا هَذِهِ اسْتِعَارَةٌ لَهَا لَا أَنَّهَا نَبِيَّةٌ حَقِيقَةً يُوحَى إِلَيْهَا وَضَرْبُهَا بِالدُّفِّ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْأَعْيَادِ عِنْدَهُمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا ضَرْبَ الدُّفِّ فِي الْعِيدِ * وَهَذَا مَشْرُوعٌ لَنَا أَيْضًا فِي حَقِّ النِّسَاءِ لِحَدِيثِ الْجَارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَ عائشة يضربان بِالدُّفِّ فِي أَيَّامِ مِنًى وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلم مضطجع مولي ظَهْرَهُ إِلَيْهِمْ وَوَجْهُهُ إِلَى الْحَائِطِ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ زَجَرَهُنَّ [2] ، وَقَالَ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا ".
وَهَكَذَا يُشْرَعُ عِنْدَنَا فِي الْأَعْرَاسِ، وَلِقُدُومِ الْغُيَّابِ، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ لَمَّا جَاوَزُوا الْبَحْرَ وَذَهَبُوا قَاصِدِينَ إِلَى بِلَادِ الشَّامِ مَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَجِدُونَ مَاءً فَتَكَلَّمَ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَوَجَدُوا مَاءً زُعَاقًا أُجَاجًا [3] لَمْ يَسْتَطِيعُوا شُرْبَهُ فَأَمَرَ اللَّهُ موسى فَأَخَذَ خَشَبَةً فَوَضَعَهَا فِيهِ فَحَلَا وَسَاغَ شُرْبُهُ وَعَلَّمَهُ الرَّبُّ هُنَالِكَ فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَوَصَّاهُ وَصَايَا كَثِيرَةً.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ الْمُهَيْمِنِ عَلَى مَا عَدَاهُ مِنَ الْكُتُبِ (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ.
إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف: 138] .
قَالُوا هَذَا الْجَهْلَ وَالضَّلَالَ وَقَدْ عَايَنُوا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مَا دَلَّهُمْ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مَرُّوا عَلَى قَوْمٍ [4] يَعْبُدُونَ أَصْنَامًا قِيلَ كَانَتْ عَلَى صُوَرِ الْبَقَرِ فَكَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُمْ لِمَ يَعْبُدُونَهَا فَزَعَمُوا لَهُمْ أَنَّهَا تَنْفَعُهُمْ وَتَضُرُّهُمْ وَيَسْتَرْزِقُونَ بِهَا عِنْدَ الضَّرُورَاتِ فَكَأَنَّ بَعْضَ الْجُهَّالِ مِنْهُمْ صَدَّقُوهُمْ فِي ذَلِكَ فَسَأَلُوا نَبِيَّهُمُ الْكَلِيمَ الْكَرِيمَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ آلِهَةً كَمَا لِأُولَئِكَ آلِهَةٌ فَقَالَ لَهُمْ مُبَيِّنًا لَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
ثُمَّ ذَكَّرَهُمْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَفْضِيلِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى عَالِمِي زَمَانِهِمْ بِالْعِلْمِ وَالشَّرْعِ وَالرَّسُولِ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَمَا أَحْسَنَ بِهِ إِلَيْهِمْ وَمَا امْتَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ إِنْجَائِهِمْ مِنْ قَبْضَةِ فِرْعَوْنَ الْجَبَّارِ الْعَنِيدِ وَإِهْلَاكِهِ إِيَّاهُ وَهُمْ ينظرون وتوريثه إياهم ما كان فرعون وملاؤه يَجْمَعُونَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسَّعَادَةِ، وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [4] ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ
إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لِأَنَّهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْقَهَّارُ، وَلَيْسَ كُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ هذا السؤال

[1] أخرجه مسلم في صحيحه 38 كتاب الآداب (1) باب النهي عن التكني بأبي القاسم 9 / 2135 ص 3 / 1685 وفيه: أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم.
[2] زجرهن: صرخ بهن وصاح.
[3] زعاقا أجاجا: المر الغليظ، والمالح الذي لا يطاق شربه.
[4] قال قتادة: كانوا قوما من لخم ; وكانوا نزولا بالريف.
(5) يعرشون: قال الزجاج: عرش يعرش إذا بنى.
هنا: يرفعون من الابنية المشيدة في السماء كصرح هامان وفرعون.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست