responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 313
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِمُوسَى حِينَ دَعَا على فرعون وملائه وأمَّن [1] أَخُوهُ هَارُونُ عَلَى دُعَائِهِ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الدَّاعِي أَيْضًا (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [يونس: 89] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ اسْتَأْذَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرْعَوْنَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى عِيدٍ لَهُمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ وَهُوَ كَارِهٌ، وَلَكِنَّهُمْ تَجَهَّزُوا لِلْخُرُوجِ، وَتَأَهَّبُوا لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، مَكِيدَةٌ بِفِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ لِيَتَخَلَّصُوا مِنْهُمْ وَيَخْرُجُوا عَنْهُمْ وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ يَسْتَعِيرُوا حُلِيًّا مِنْهُمْ فَأَعَارُوهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا فَخَرَجُوا بِلَيْلٍ فَسَارُوا مُسْتَمِرِّينَ ذَاهِبِينَ مِنْ فَوْرِهِمْ طَالِبِينَ بِلَادَ الشَّامِ فَلَمَّا عَلِمَ بِذَهَابِهِمْ فِرْعَوْنُ حَنِقَ عَلَيْهِمْ كُلَّ الْحَنَقِ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَيْهِمْ، وَشَرَعَ فِي اسْتِحْثَاثِ جَيْشِهِ، وَجَمْعِ جُنُودِهِ لِيَلْحَقَهُمْ وَيَمْحَقَهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ.
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ.
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ.
فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ.
قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ.
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ.
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ.
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ.
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ.
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرحيم) [الشُّعَرَاءِ: 52 - 68] قَالَ عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ: لَمَّا رَكِبَ فِرْعَوْنُ فِي جُنُودِهِ طَالِبًا [2] بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقْفُو أَثَرَهُمْ كَانَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ عَرَمْرَمٍ حَتَّى قِيلَ كَانَ فِي خُيُولِهِ مِائَةُ أَلْفِ فَحْلٍ [3] أَدْهَمَ، وَكَانَتْ عِدَّةُ جُنُودِهِ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ أَلْفٍ
وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ إنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانُوا نَحْوًا مِنْ سِتِّمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ غَيْرَ الذُّرِّيَّةِ وَكَانَ بَيْنَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ صُحْبَةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَدُخُولِهِمْ إِلَيْهَا صُحْبَةَ أبيهم إسرائيل أربعمائة سنة وستاً وَعِشْرِينَ سَنَةً شَمْسِيَّةً.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ لَحِقَهُمْ بِالْجُنُودِ فَأَدْرَكَهُمْ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَتَرَاءَى الْجَمْعَانِ وَلَمْ يَبْقَ ثَم رَيْبٌ وَلَا لَبْسٌ وَعَايَنَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَاحِبَهُ وَتَحَقَّقَهُ وَرَآهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُقَاتَلَةُ وَالْمُجَاوَلَةُ [4] وَالْمُحَامَاةُ فَعِنْدَهَا قَالَ أصحاب موسى وهم خائفون إنا لمدركون وَذَلِكَ لِأَنَّهُمُ اضْطُرُّوا فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى الْبَحْرِ فَلَيْسَ لَهُمْ طَرِيقٌ وَلَا مَحِيدٌ إِلَّا سُلُوكُهُ وَخَوْضُهُ.
وَهَذَا مَا لَا يَسْتَطِيعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَالْجِبَالُ عَنْ يَسْرَتِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَهِيَ شَاهِقَةٌ مُنِيفَةٌ وَفِرْعَوْنُ قَدْ غَالَقَهُمْ وَوَاجَهَهُمْ وَعَايَنُوهُ فِي جُنُودِهِ وَجُيُوشِهِ وَعَدَدِهِ وَعُدَدِهِ وَهُمْ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْخَوْفِ وَالذُّعْرِ لِمَا قَاسَوْا في سلطانه من الإهانة والمنكر فشكوا إلى نبي

[1] كان الذي دعا موسى، وأمن هارون، والتأمين على الدعاء أن يقول: آمين، فقولك آمين دعاء أي رب استجب لي.
[2] في نسخة: في طلب بني إسرائيل.
[3] هنا: من الخيل، ولم يكن معه من الخيل أنثى بل ذكورها.
[4] وفي النسخ المطبوعة: المجادلة، وما أثبتناه مناسب للسياق.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست