responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 279
وَقَالَ قَتَادَةُ بِعَصًا كَانَتْ مَعَهُ (فَقَضَى عَلَيْهِ) أَيْ فَمَاتَ مِنهَا * وقدْ كَانَ ذَلِكَ الْقِبْطِيُّ كَافِرًا مُشْرِكًا بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَمْ يُرِدْ مُوسَى قتله بالكلية وإنما أزاد زجره وردعه مع هَذَا (قَالَ) مُوسَى (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) أَيْ مِنَ الْعِزِّ وَالْجَاهِ (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ.
فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى.
أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ.
وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين) [الْقَصَصِ: 18 - 21] يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ مُوسَى أَصْبَحَ بِمَدِينَةِ مصر خائفاً - أي من فرعون وملائه - أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقَتِيلَ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مُوسَى فِي نُصْرَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَقْوَى ظُنُونُهُمْ أَنَّ مُوسَى
مِنْهُمْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ فَصَارَ يَسِيرُ فِي الْمَدِينَةِ فِي صَبِيحَةِ ذَلِكَ اليوم (خائفا يترقب) أي يلتفت فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا ذَلِكَ الرَّجُلُ الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ أَيْ يَصْرُخُ بِهِ وَيَسْتَغِيثُهُ عَلَى آخَرَ قَدْ قَاتَلَهُ فَعَنَّفَهُ مُوسَى وَلَامَهُ عَلَى كَثْرَةِ شَرِّهِ وَمُخَاصَمَتِهِ قَالَ لَهُ (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) * ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِذَلِكَ الْقِبْطِيِّ الَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لِمُوسَى وَلِلْإِسْرَائِيلِيِّ فَيَرْدَعُهُ عَنْهُ وَيُخَلِّصُهُ مِنْهُ فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقِبْطِيِّ (قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) قل بَعْضُهُمْ إِنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَامَ الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَى مَا كَانَ صَنَعَ مُوسَى بِالْأَمْسِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى مُوسَى مُقْبِلًا إِلَى الْقِبْطِيِّ اعْتَقَدَ أَنَّهُ جَاءَ إِلَيْهِ لَمَّا عَنَّفَهُ قَبْلَ ذلك بقوله إنك لغوي مبين فَقَالَ مَا قَالَ لِمُوسَى وَأَظْهَرَ الْأَمْرَ الَّذِي كان وقع بالأمس فذهب القبطي فاستعدى موسى إلى فرعون.
وهذا الذي لم يذكر كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ سِوَاهُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَائِلَ هَذَا هُوَ الْقِبْطِيُّ وَأَنَّهُ لَمَّا رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ خَافَهُ وَرَأَى مِنْ سَجِيَّتِهِ انْتِصَارًا جَيِّدًا لِلْإِسْرَائِيلِيِّ فَقَالَ مَا قَالَ مِنْ بَابِ الظَّنِّ وَالْفِرَاسَةِ أَنَّ هَذَا لَعَلَّهُ قَاتِلُ ذَاكَ الْقَتِيلِ بِالْأَمْسِ أَوْ لَعَلَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْإِسْرَائِيلِيِّ حِينَ اسْتَصْرَخَهُ عَلَيْهِ مَا دَلَّهُ عَلَى هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فِرْعَوْنَ بَلَغَهُ أَنَّ مُوسَى هُوَ قَاتِلُ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَ في طلبه وسبقهم رجل ناصح عن طريق أقرب (وَجَاءَ رَجُلٌ من أقصى المدينة) ساعياً إليه مشفقاً عليه [1] فقال (يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ (إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) أَيْ فِيمَا أَقُولُهُ لَكَ قَالَ اللَّهُ تعالى (فخرج منها خائفاً يَتَرَقَّبُ) أَيْ فَخَرَجَ مِنْ مَدِينَةِ مِصْرَ مِنْ فَوْرِهِ

[1] قال في تفسير القرطبي: قال أكثر أهل التفسير: هذا الرَّجل هو حزقيل بن صبورا مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست