responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 276
واحترزت من أول ما حبلت ولم يكن يظهر عليها مخائيل الْحَبَلِ.
فَلَمَّا وَضَعَتْ أُلْهِمَتْ أَنِ اتَّخَذَتْ لَهُ تابوتاً فربطته في حبل وكانت دارهما مُتَاخِمَةً لِلنِّيلِ فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ فَإِذَا خَشِيَتْ مِنْ أَحَدٍ وَضَعَتْهُ فِي ذَلِكَ التَّابُوتِ فَأَرْسَلَتْهُ فِي الْبَحْرِ وَأَمْسَكَتْ طَرَفَ الْحَبْلِ عِنْدَهَا فَإِذَا ذَهَبُوا اسْتَرْجَعَتْهُ إِلَيْهَا بِهِ [1] .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ.
وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [الْقَصَصِ: 7 - 9] هَذَا الْوَحْيُ وَحَيُّ إِلْهَامٍ وَإِرْشَادٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً الآية) [النَّحْلِ: 68 - 69] وَلَيْسَ هُوَ بِوَحْيِ نُبُوَّةٍ كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ عن أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَاسْمُ أُمِّ موسى أيارخا.
وَقِيلَ أَيَاذَخْتُ [2] * وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا أُرْشِدَتْ إِلَى هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأُلْقِيَ فِي خَلَدِهَا وَرُوعِهَا أَنْ لَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي، فَإِنَّهُ إِنْ ذَهَبَ فَإِنَّ اللَّهَ سَيَرُدُّهُ إِلَيْكِ.
وَإِنَّ اللَّهَ سَيَجْعَلُهُ نَبِيًّا مُرْسَلًا، يُعْلِي كَلِمَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَكَانَتْ تَصْنَعُ مَا أُمِرَتْ بِهِ فَأَرْسَلَتْهُ ذَاتَ يوم وذهلت أن تربط في طَرَفَ الْحَبْلِ عِنْدَهَا فَذَهَبَ مَعَ النِّيلِ فَمَرَّ على دار فرعون (فَالْتَقَطَهُ آلُ فرعون) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً) قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ لَامُ الْعَاقِبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ فَالْتَقَطَهُ * وَأَمَّا إِنْ جُعِلَ مُتَعَلِّقًا بِمَضْمُونِ الْكَلَامِ، وَهُوَ أَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ قُيِّضُوا لِالْتِقَاطِهِ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا، صارت اللام معللة كغيرها، والله أعلم * ويقوي هذا التقدير الثَّانِيَ قَوْلُهُ (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ) [القصص: 8] وَهُوَ الْوَزِيرُ السُّوءُ (وَجُنُودَهُمَا) الْمُتَابِعِينَ لَهُمَا (كَانُوا خَاطِئِينَ) أَيْ كَانُوا عَلَى خِلَافِ الصَّوَابِ، فَاسْتَحَقُّوا هَذِهِ الْعُقُوبَةَ وَالْحَسْرَةَ.
وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ الْجَوَارِيَ الْتَقَطْنَهُ مِنَ الْبَحْرِ فِي تَابُوتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتَجَاسَرْنَ عَلَى فَتْحِهِ، حَتَّى وَضَعْنَهُ بَيْنَ يَدَيِ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ آسِيَةَ بِنْتِ مُزَاحِمِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ الرَّيَّانِ بْنِ الْوَلِيدِ، الَّذِي كَانَ فِرْعَوْنَ مِصْرَ فِي زَمَنِ يُوسُفَ * وَقِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ سِبْطِ مُوسَى * وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ عَمَّتَهُ، حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَيَأْتِي مَدْحُهَا وَالثَّنَاءُ عَلَيْهَا فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَأَنَّهُمَا يَكُونَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أزواج

[1] انظر تاريخ الطبري 1 / 200.
[2] في الطبري: يوخابد وقيل كان اسمها أناحيد ; وفي القرطبي: لوخا بنت هاند بن لاوي بن يعقوب.
وفي المعارف لابن قتيبة: أباحثة، وفي التوراة اسمها: يوخابث بنت لاوي بن يعقوب.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست