responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 26
الْمَعَادِنِ وَالتِّجَارَاتِ قَالُوا الْأَرْضُ مَغْمُورَةٌ بِالْمَاءِ الْعَظِيمِ إِلَّا مِقْدَارَ الرُّبْعِ مِنْهَا وَهُوَ تِسْعُونَ دَرَجَةً
وَالْعِنَايَةُ الْإِلَهِيَّةُ اقْتَضَتِ انْحِسَارَ الْمَاءِ عَنْ هَذَا القدر منها لتعيش الحيوانات عليها وتنبت الزرع والثمار منها كَمَا قَالَ تَعَالَى (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ فبأي آلاء ربكما تكذبان) [الرَّحْمَنِ: 10 - 13] قَالُوا الْمَعْمُورُ مِنْ هَذَا الْبَادِي مِنْهَا قريب الثلثين منه أو أكثر قليلاً.
هو خمس وتسعون دَرَجَةً.
قَالُوا فَالْبَحْرُ الْمُحِيطُ الْغَرْبِيُّ وَيُقَالُ لَهُ أُوقْيَانُوسُ وَهُوَ الَّذِي يُتَاخِمُ بِلَادَ الْمَغْرِبِ وَفِيهِ الْجَزَائِرُ الْخَالِدَاتُ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ سَاحِلِهِ عَشْرُ دَرَجٍ مَسَافَةُ شَهْرٍ تَقْرِيبًا وَهُوَ بَحْرٌ لَا يُمْكِنُ سلوكه ولا ركوبه لكثرة موجه واختلاف ما فِيهِ مِنَ الرِّيَاحِ وَالْأَمْوَاجِ وَلَيْسَ فِيهِ صَيْدٌ ولا يستخرج منه شئ وَلَا يُسَافَرُ فِيهِ لِمَتْجَرٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ آخِذٌ فِي نَاحِيَةِ الْجَنُوبِ حَتَّى يُسَامِتَ الْجِبَالَ الْقُمْرَ وَيُقَالُ جِبَالُ الْقَمَرِ الَّتِي مِنْهَا أَصْلُ مَنْبَعِ نِيلِ مِصْرَ وَيَتَجَاوَزُ خَطَّ الِاسْتِوَاءِ * ثُمَّ يَمْتَدُّ شَرْقًا وَيَصِيرُ جَنُوبِيَّ الْأَرْضِ.
وَفِيهِ هُنَاكَ جزائر الزابج وَعَلَى سَوَاحِلِهِ خَرَابٌ كَثِيرٌ * ثُمَّ يَمْتَدُّ شَرْقًا وَشَمَالًا حَتَّى يَتَّصِلَ بِبَحْرِ الصِّينِ وَالْهِنْدِ * ثُمَّ يَمْتَدُّ شَرْقًا حَتَّى يُسَامِتَ [1] نِهَايَةَ الْأَرْضِ الشَّرْقِيَّةِ الْمَكْشُوفَةِ.
وَهُنَاكَ بِلَادُ الصِّينِ.
ثُمَّ يَنْعَطِفُ فِي شَرْقِ الصِّينِ إِلَى جِهَةِ الشَّمَالِ حَتَّى يُجَاوِزَ بِلَادَ الصِّينِ وَيُسَامِتَ سَدَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
ثُمَّ ينعطف ويستدير على أراضي غَيْرِ مَعْلُومَةِ الْأَحْوَالِ * ثُمَّ يَمْتَدُّ مَغْرِبًا فِي شَمَالِ الْأَرْضِ وَيُسَامِتُ بِلَادَ الرُّوسِ وَيَتَجَاوَزُهَا وَيَعْطِفُ مَغْرِبًا وَجَنُوبًا وَيَسْتَدِيرُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَعُودُ إِلَى جِهَةِ الْغَرْبِ وَيَنْبَثِقُ مِنَ الْغَرْبِيِّ إِلَى مَتْنِ الْأَرْضِ الزُّقَاقِ الَّذِي يَنْتَهِي أَقْصَاهُ إِلَى أَطْرَافِ الشَّامِ مِنَ الْغَرْبِ * ثُمَّ يَأْخُذُ فِي بِلَادِ الرُّومِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِهِمْ.
وَيَنْبَعِثُ مِنَ الْمُحِيطِ الشَّرْقِيِّ بِحَارٌ أُخَرُ فِيهَا جَزَائِرُ كَثِيرَةٌ، حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ فِي بَحْرِ الْهِنْدِ أَلْفُ جَزِيرَةٍ وَسَبْعُمِائَةِ جَزِيرَةٍ فِيهَا مُدُنٌ وَعِمَارَاتٌ سِوَى الْجَزَائِرِ الْعَاطِلَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْبَحْرُ الْأَخْضَرُ فَشَرْقِيُّهُ بَحْرُ الصِّينِ وَغَرْبِيُّهُ بَحْرُ الْيَمَنِ وَشَمَالُهُ بَحْرُ الْهِنْدِ وَجَنُوبِيُّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ * وذكروا أن بين بحر الهند وبحر اليمن جبالاً فاصلة بينهما وفيها فجاج يسلك الْمَرَاكِبُ بَيْنَهَا يُسَيِّرُهَا لَهُمُ الَّذِي خَلَقَهَا كَمَا جُعِلَ مِثْلُهَا فِي الْبَرِّ أَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بكم وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سبلا لعلكم تهتدون) * وَقَدْ ذَكَرَ بَطْلَيْمُوسُ أَحَدُ مُلُوكِ الْهِنْدِ فِي كِتَابِهِ
الْمُسَمَّى بِالْمَجِسْطِي الَّذِي عُرب فِي زَمَانِ الْمَأْمُونِ، وَهُوَ أَصْلُ هَذِهِ الْعُلُومِ أَنَّ الْبِحَارَ الْمُتَفَجِّرَةَ مِنَ الْمُحِيطِ الْغَرْبِيِّ وَالشَّرْقِيِّ وَالْجَنُوبِيِّ وَالشَّمَالِيِّ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
فَمِنْهَا مَا هُوَ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ يُسَمَّى بِحَسَبِ الْبِلَادِ الْمُتَاخِمَةِ لَهُ.
فَمِنْ ذَلِكَ بَحْرُ الْقُلْزُمِ.
وَالْقُلْزُمُ قَرْيَةٌ عَلَى سَاحِلِهِ قَرِيبٌ مِنْ أَيْلَةَ.
وَبَحْرُ فَارِسَ وَبَحْرُ الْخَزَرِ وَبَحْرُ وَرْنَكَ وَبَحْرُ الرُّومِ وَبَحْرُ بَنْطَشَ وَبَحْرُ الْأَزْرَقِ، مَدِينَةٌ عَلَى سَاحِلِهِ وَهُوَ بَحْرُ الْقَرْمِ أَيْضًا وَيَتَضَايَقُ حَتَّى يَصُبَّ فِي بَحْرِ الرُّومِ عِنْدَ جنوبي القسطنطينية وهو خليج القسطنطينية،

[1] يسامت: يسير.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست