responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 256
وقال حميد مكث في بلواه ثمانية عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ السُّدِّيُّ تَسَاقَطَ لَحْمُهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَأْتِيهِ بِالرَّمَادِ تَفْرُشُهُ تَحْتَهُ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهَا قَالَتْ (يَا أَيُّوبُ لَوْ دَعَوْتَ رَبَّكَ لَفَرَّجَ عَنْكَ فَقَالَ قَدْ عِشْتُ سَبْعِينَ سَنَةً صَحِيحًا فَهُوَ قَلِيلٌ لِلَّهِ أَنْ أَصْبِرَ لَهُ سَبْعِينَ سَنَةً) فَجَزِعَتْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ وَكَانَتْ تَخْدُمُ النَّاسَ بِالْأَجْرِ وَتُطْعِمُ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَسْتَخْدِمُونَهَا لِعِلْمِهِمْ أَنَّهَا امْرَأَةُ أَيُّوبَ خَوْفًا أَنْ يَنَالَهُمْ مِنْ بَلَائِهِ أَوْ تُعْدِيَهُمْ بِمُخَالَطَتِهِ فَلَمَّا لَمْ تَجِدْ أَحَدًا يَسْتَخْدِمُهَا عَمَدَتْ فَبَاعَتْ لِبَعْضِ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ إِحْدَى ضَفِيرَتَيْهَا بِطَعَامٍ طَيِّبٍ كَثِيرٍ فَأَتَتْ بِهِ أَيُّوبَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا وَأَنْكَرَهُ فَقَالَتْ خَدَمْتُ بِهِ أُنَاسًا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ لَمْ تَجِدْ أَحَدًا فَبَاعَتِ الضَّفِيرَةَ الْأُخْرَى بِطَعَامٍ فَأَتَتْهُ بِهِ فَأَنْكَرَهُ أَيْضًا وَحَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ حَتَّى تُخْبِرَهُ مِنْ أَيْنَ لَهَا هَذَا الطَّعَامُ فَكَشَفَتْ عَنْ رَأْسِهَا خِمَارَهَا فَلَمَّا رَأَى رَأْسَهَا مَحْلُوقًا قَالَ فِي دُعَائِهِ (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء: 83] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بن خازم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ لِأَيُّوبَ أَخَوَانِ فَجَاءَا يَوْمًا فَلَمْ يَسْتَطِيعَا أَنْ يَدْنُوَا مِنْهُ مِنْ رِيحِهِ فَقَامَا مِنْ بَعِيدٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَوْ كَانَ اللَّهُ عَلِمَ مِنْ أَيُّوبَ خَيْرًا مَا ابْتَلَاهُ بِهَذَا فَجَزِعَ أَيُّوبُ مِنْ قَوْلِهِمَا جَزَعًا لَمْ يجزع من شئ قط قَالَ (اللَّهم إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَبِتْ لَيْلَةً قَطُّ شَبْعَانًا وَأَنَا أَعْلَمُ مَكَانَ جَائِعٍ فَصَدِّقْنِي) فَصُدِّقَ مِنَ السَّمَاءِ وَهُمَا يَسْمَعَانِ ثُمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ يَكُنْ لِي قَمِيصَانِ قَطُّ وَأَنَا أَعْلَمُ مَكَانَ عَارٍ فَصَدِّقْنِي فَصُدِّقَ مِنَ السَّمَاءِ وَهُمَا يَسْمَعَانِ) ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ وَخَرَّ سَاجِدًا فَقَالَ اللَّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لَا أَرْفَعُ رَأْسِي أَبَدًا حَتَّى تَكْشِفَ عَنِّي فَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى كَشَفَ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ جَمِيعًا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أنبئنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهري، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّوبَ لَبِثَ بِهِ بَلَاؤُهُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ إِلَّا رَجُلَيْنِ مِنْ إِخْوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخْوَانِهِ لَهُ كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لصاحبه: يعلم الله لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ، قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ قال: منذ ثماني عشر سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ رَبُّهُ فَيَكْشِفَ مَا بِهِ.
فَلَمَّا رَاحَا إِلَيْهِ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي ما تقول؟ غير أنَّ الله عزوجل يَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أمرُّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ، فَيَذْكُرَانِ اللَّهَ فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا، كراهية أن يذكر اللَّهَ إِلَّا فِي حَقٍّ ".
قَالَ وَكَانَ يَخْرُجُ فِي حَاجَتِهِ فَإِذَا قَضَاهَا أَمْسَكَتِ امْرَأَتُهُ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَبْطَأَتْ عَلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى أَيُّوبَ فِي مَكَانِهِ أَنِ (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) [ص: 42] فَاسْتَبْطَأَتْهُ فَتَلَقَّتْهُ تَنْظُرُ وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا قَدْ أَذْهَبُ اللَّهُ مَا بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَهُوَ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ أَيْ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ هَلْ رَأَيْتَ نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا الْمُبْتَلَى فَوَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذْ كَانَ صَحِيحًا قَالَ فَإِنِّي أَنَا هُوَ.
قَالَ وَكَانَ له أندر

اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست