responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 207
عَشَرَةٍ فَقَالَ اللَّهُ (لَا أُهْلِكُهُمْ وَفِيهِمْ عَشَرَةٌ صالحون) قال الله تعالى (وقال وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لوطا سيئ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عصيب) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ لَمَّا فَصَلَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ وَهُمْ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ أَقْبَلُوا حَتَّى أتوا أرض سدوم في صور شُبَّانٍ حِسَانٍ
اخْتِبَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْمِ لُوطٍ وَإِقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فَاسْتَضَافُوا لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَلِكَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَخَشِيَ إِنْ لم يضفهم يضيفهم غيره وحسبهم بشراً من الناس وسيئ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عصيب.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ اسحق شَدِيدٌ بَلَاؤُهُ وَذَلِكَ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ مُدَافَعَتِهِ الليلة عنهم كما كان يصنع بهم في غيرهم وَكَانُوا قَدِ اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُضِيفَ أَحَدًا وَلَكِنْ رَأَى مَنْ لَا يُمْكِنُ الْمَحِيدُ عَنْهُ * وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَنَّهُمْ وَرَدُوا عَلَيْهِ وَهُوَ في أرض له يعمل فيها فتضيفوا فَاسْتَحْيَى مِنْهُمْ وَانْطَلَقَ أَمَامَهُمْ وَجَعَلَ يُعَرِّضُ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ لَعَلَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ عَنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وينزلوا فِي غَيْرِهَا فَقَالَ لَهُمْ: فِيمَا قَالَ [وَاللَّهِ] [1] يَا هَؤُلَاءِ مَا أَعْلَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَهْلَ بَلَدٍ أَخْبَثَ مِنْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ مَشَى قليلاً ثم أعاد ذلك عليهم حيت كَرَّرَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَ وَكَانُوا قَدْ أُمِرُوا أَنْ لَا يُهْلِكُوهُمْ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ نَبِيُّهُمْ بِذَلِكَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِنْدِ إِبْرَاهِيمَ نَحْوَ قَوْمِ لُوطٍ فَأَتَوْهَا نِصْفَ النَّهَارِ فَلَمَّا بَلَغُوا نَهْرَ سَدُومَ لَقُوا ابْنَةَ لُوطٍ تَسْتَقِي مِنَ الْمَاءِ لِأَهْلِهَا وَكَانَتْ لَهُ ابْنَتَانِ اسم الكبرى ريثا والصغرى ذعرتا فَقَالُوا لَهَا يَا جَارِيَةُ هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ فَقَالَتْ لَهُمْ مَكَانَكُمْ لَا تَدْخُلُوا حَتَّى آتِيَكُمْ فَرِقَتْ [2] عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهَا فَأَتَتْ أَبَاهَا فَقَالَتْ يَا أَبَتَاهُ أَرَادَكَ [3] فِتْيَانٌ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ مَا رَأَيْتُ وُجُوهَ قَوْمٍ قَطُّ هِيَ أَحْسَنَ مِنْهُمْ لَا يَأْخُذُهُمْ قَوْمُكَ فَيَفْضَحُوهُمْ وَقَدْ كَانَ قَوْمُهُ نَهَوْهُ أَنْ يُضِيفَ رَجُلًا فَجَاءَ بِهِمْ فَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدٌ إِلَّا أَهْلُ الْبَيْتِ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ فَأَخْبَرَتْ قَوْمَهَا فَقَالَتْ إِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ رِجَالًا مَا رَأَيْتُ مِثْلَ وُجُوهِهِمْ قَطُّ فَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ (وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) [هود: 77] أَيْ هَذَا مَعَ مَا سَلَفَ لَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ الْعَظِيمَةِ الْكَبِيرَةِ الْكَثِيرَةِ (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) [هود: 78] يُرْشِدُهُمْ إِلَى غِشْيَانِ نِسَائِهِمْ وَهُنَّ بَنَاتُهُ شَرْعًا لِأَنَّ النَّبِيَّ لِلْأُمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أمهاتهم) [الاخزاب: 6] وفي قول بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ وَهُوَ أَبٌ لَهُمْ.
وَهَذَا كَقَوْلِهِ (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ.
وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادون) [الشُّعَرَاءِ: 165 - 166]
وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَقَتَادَةُ والسدي ومحمد بن اسحق

[1] سقطت من النسخ المطبوعة.
[2] وفي نسخة: شفقة عليهم ; وفي الكامل: خافت عليهم.
[3] في الكامل: أدرك.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست