responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 180
يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلام وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بابك، قال: ذاك أبي وَأَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ * ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شاء الله ثم جاء بعد ذلك اسمعيل يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ
فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَلَدُ بِالْوَالِدِ وَالْوَالِدُ بِالْوَلَدِ * ثُمَّ قَالَ يا اسمعيل إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أمرك به رَبُّكَ قَالَ: وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ الله أمرني أن أبني ههنا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فجعل اسمعيل يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عليه وهو يبني واسمعيل يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127] قَالَ وَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ثمَّ قال حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لما كان من إبراهيم وأهله ما كان خرج باسمعيل وأم اسمعيل ومعهم شنة فيها ماء * وذكر تمامه بنحر مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُوَشَّحٌ بِرَفْعِ بَعْضِهِ وَفِي بَعْضِهِ غَرَابَةٌ وَكَأَنَّهُ مِمَّا تَلَقَّاهُ ابْنُ عبَّاس عَنِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ * وفيه أن اسمعيل كَانَ رَضِيعًا إِذْ ذَاكَ * وَعِنْدَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَنْ يَخْتِنَ وَلَدَهُ اسمعيل وَكُلَّ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ فَخَتَنَهُمْ وَذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً مِنْ عمره فيكون عمر اسمعيل يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَذَا امْتِثَالٌ لِأَمْرِ الله عزوجل فِي أَهْلِهِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبيّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ " * تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسحق عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَتَابَعَهُ عَجْلَانُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ * وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ بِهِ * وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ اخْتَتَنَ ابراهيم بعدما أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ.
وَالْقَدُومُ هُوَ الْآلَةُ وَقِيلَ مَوْضِعٌ.
وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يُنَافِي الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّمَانِينَ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا سَيَأْتِي مِنَ الْحَدِيثِ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً ".
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ ذِكْرُ قِصَّةِ الذَّبِيحِ وانه اسمعيل ولم يذكر في قد مات [1] إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بعد أن تزوج إسمعيل بعد موت هاجر، وكيف تركهم مِنْ حِينِ صِغَرِ الْوَلَدِ، عَلَى مَا ذُكِرَ إِلَى حِينِ تَزْوِيجِهِ، لَا يَنْظُرُ فِي حَالِهِمْ.
وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ تُطْوَى لَهُ وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ الْبُرَاقَ إِذَا سَارَ إِلَيْهِمْ فَكَيْفَ يَتَخَلَّفُ عَنْ مُطَالَعَةِ حَالِهِمْ وَهُمْ في غاية الضرورة الشديدة

[1] قد مات: المرات التي قدمها إبراهيم إلى ولده.
*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست