responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 127
لِرَسُولِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ هَاجَرَ (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) [الإسراء: 80] وَقَدِ امْتَثَلَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [هود 41] أَيْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ ابْتِدَاءُ سَيْرِهَا وَانْتِهَاؤُهُ (إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أَيْ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ مَعَ كَوْنِهِ غَفُورًا رَحِيمًا لَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ كَمَا أَحَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ وَعَبَدُوا غَيْرَهُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ) .
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَطَرًا لَمْ تَعْهَدْهُ الْأَرْضُ قَبْلَهُ وَلَا تُمْطِرْهُ بَعْدَهُ كَانَ كَأَفْوَاهِ الْقِرَبِ وَأَمَرَ الْأَرْضَ فَنَبَعَتْ مِنْ جَمِيعِ فِجَاجِهَا وَسَائِرِ أَرْجَائِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ.
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ.
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ.
وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) [القمر: 10 - 13] .
والدسر السائر [1] (تجري بأعيننا) أي بحفظنا وكلا أتنا وَحِرَاسَتِنَا وَمُشَاهَدَتِنَا لَهَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الطُّوفَانَ كَانَ فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَهْرِ آبٍ [2] فِي حساب القبط.
وَقَالَ تَعَالَى (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) أَيِ السَّفِينَةِ (لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) [الحاقة: 11] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى أَعْلَى جَبَلٍ بِالْأَرْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ
ذِرَاعًا وَهُوَ الَّذِي عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقِيلَ ثَمَانِينَ ذِرَاعًا وعمَّ جَمِيعَ الْأَرْضِ طُولَهَا وَالْعَرْضَ سَهْلَهَا وَحَزْنَهَا وَجِبَالَهَا وَقِفَارَهَا وَرِمَالَهَا.
وَلَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِمَّنْ كَانَ بِهَا مِنَ الْأَحْيَاءِ عَيْنٌ تَطْرِفُ.
وَلَا صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ.
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كان أهل ذلك الزمان قد ملاوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ * وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ [3] بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (لَمْ تَكُنْ بُقْعَةٌ فِي الْأَرْضِ إِلَّا وَلَهَا مَالِكٌ وَحَائِزٌ) رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ من المغرقين) [هود: 42 - 43] وهذا الابن هو يام أخو سام وحام ويافث * وقيل اسمه كنعان.

[1] في قصص الأنبياء لابن كثير: المسامير.
وهو قول قتادة والقرظي وابن زيد وابن جبير.
وقال الحسن وعكرمة: هي صدر السفينة التي تضرب بها الموج لانها تدسر الماء أي تدفعه.
وقال ابن عبَّاس: الدسر كلكل (صدر السفينة) .
وقال الليث: خيط من ليف تشد به ألواح السفينة واحده الدسار.
وفي الصحاح: خيوط.
وفي الطبري: مسامير الحديد.
[2] تاريخ الطبري ج 1 / 96 دار القاموس ; لعشر ليال مضين من رجب كما في الطبري والكامل.
وعند المسعودي لتسع عشرة ليلة خلت من آذار.
[3] عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المدني، العدوي مولاهم، ضعيف من الثامنة مات سنة 182 له تفسير (تقريب التهذيب 1 / 480.
الكاشف 2 / 146) .
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست