responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 124
كَانَتْ سَجَايَاهُمُ الْكُفْرَ الْغَلِيظَ وَالْعِنَادَ الْبَالِغَ فِي الدُّنْيَا وَهَكَذَا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُمْ يَجْحَدُونَ أَيْضًا أن يكون جاءهم رَسُولٌ.
كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ اسمعيل حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يجئ نوح عليه السلام وأمته فيقول الله عزوجل هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ.
فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ فَيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لَكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ فَتَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بلَّغ " [1] وَهُوَ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [الْبَقَرَةِ: 143] وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ.
فَهَذِهِ الْأُمَّةُ تَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ نَبِيِّهَا الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نُوحًا بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْحَقَّ وَأَمَرَهُ بِهِ وَأَنَّهُ بَلَّغَهُ إِلَى أُمَّتِهِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ وَأَتَمِّهَا وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا يَنْفَعُهُمْ فِي دِينِهِمْ إِلَّا وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِهِ وَلَا شَيْئًا مِمَّا قَدْ يَضُرُّهُمْ إِلَّا وَقَدْ نَهَاهُمْ عَنْهُ وَحَذَّرَهُمْ مِنْهُ * وَهَكَذَا شَأْنُ جَمِيعِ الرُّسُلِ حَتَّى إِنَّهُ حَذَّرَ قَوْمَهُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَوَقَّعُ خُرُوجَهُ فِي زَمَانِهِمْ حَذَرًا عَلَيْهِمْ وَشَفَقَةً وَرَحْمَةً بِهِمْ.
كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ سَالِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: " إِنِّي لَأُنْذِرِكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمُهُ.
لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ " وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَلَا أحدِّثكم عَنِ الدَّجَّالِ حَدِيثًا مَا حدَّث بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ إِنَّهُ أعور وأنه يجئ معه بمثال الجنة والنار والتي يقول عليها الْجَنَّةُ هِيَ النَّارُ وَإِنِّي أُنْذِرُكُمْ كَمَا أَنْذَرَ
بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ " [2] لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ لَمَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ أَنْ يَغْرِسَ شَجَرًا لِيَعْمَلَ مِنْهُ السَّفِينَةَ فَغَرَسَهُ وَانْتَظَرَهُ مِائَةَ سَنَةٍ ثُمَّ نَجَرَهُ فِي مِائَةٍ أُخْرَى وَقِيلَ فِي أَرْبَعِينَ [3] سَنَةً فَاللَّهُ أعلم * قال محمد بن إسحق عن الثوري وكانت مِنْ خَشَبِ السَّاجِ * وَقِيلَ مِنَ الصَّنَوْبَرِ.
وَهُوَ نَصُّ التَّوْرَاةِ.
قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ طُولَهَا ثَمَانِينَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهَا خَمْسِينَ ذراعاَ وَأَنْ يُطْلَى ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا بِالْقَارِ وَأَنْ يَجْعَلَ لَهَا جُؤْجُؤًا أَزْوَرَ يَشُقُّ الْمَاءَ * وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ طُولُهَا ثَلَثَمِائَةِ ذِرَاعٍ فِي عَرْضِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا وَهَذَا الَّذِي فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَا رَأَيْتُهُ.

[1] رواه البخاري في صحيحه 60 / 3 / 3339 فتح الباري.
ورواه أحمد في مسنده 3 / 32 ورواه السيوطي في الفتح الكبير وقال: رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي.
[2] الحديث رواه مسلم في كتاب الفتن 52 / ح 109 / 2936 والبخاري ح رقم 1577 عن أبي هريرة واللفظ لمسلم.
[3] قال الرازي في تفسيره: قيل اتخذها في سنتين (عن ابن عباس كما عند القرطبي) وقيل في أربع سنين.
وقال كعب، كما عند القرطبي، بناها في ثلاثين سنة، وقال ابن العربي: عملها في أربعين سنة.
التفسير الكبير - أحكام القرآن 9 / 31.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست