responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 101
أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي " أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازيّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [1] الْآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا قَالَ فَجَمَعَهُمْ لَهُ يَوْمَئِذٍ جَمِيعًا مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَخَلَقَهُمْ ثُمَّ صَوَّرَهُمْ ثُمَّ اسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ.
(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) الْآيَةَ قَالَ فَإِنِّي أشهد عليكم
السموات السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آدَمَ أَنْ لَا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ بِهَذَا.
اعْلَمُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرِي وَلَا رَبَّ غَيْرِي وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا وَإِنِّي سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلًا يُنْذِرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كِتَابِي - قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ رَبُّنَا وَإِلَهُنَا لَا رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ لَنَا غَيْرُكَ فَأَقَرُّوا لَهُ يَوْمَئِذٍ بِالطَّاعَةِ وَرَفَعَ أَبَاهُمْ آدَمَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَرَأَى فِيهِمُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَحَسَنَ الصُّورَةِ وَدُونَ ذَلِكَ * فَقَالَ يَا رَبِّ لَوْ سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ.
وَرَأَى فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءَ مِثْلَ السُّرُّجِ عَلَيْهِمُ النُّورُ وَخُصُّوا بِمِيثَاقٍ آخَرَ مِنَ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى بن مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظًا) [الأحزاب: 7] وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) [الروم: 30] وَفِي ذَلِكَ قَالَ (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى) [النجم: 56] وَفِي ذَلِكَ قَالَ (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) [الأعراف: 102] .
رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفَاسِيرِهِمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ * وَرَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِسِيَاقَاتٍ تُوَافِقُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ امْتَثَلُوا كُلُّهُمُ الْأَمْرَ الْإِلَهِيَّ وَامْتَنَعَ إِبْلِيسُ مِنَ السُّجُودِ لَهُ حَسَدًا وَعَدَاوَةً لَهُ فَطَرَدَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْحَضْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَنَفَاهُ عَنْهَا وَأَهْبَطَهُ إِلَى الْأَرْضِ طَرِيدًا مَلْعُونًا شَيْطَانًا رَجِيمًا.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ.
وَيَعْلَى وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عُبَيْدٍ قَالُوا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " (إِذَا) قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بالسحود فَعَصَيْتُ فَلِيَ النَّارُ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ.
ثُمَّ لَمَّا أُسْكِنَ آدَمُ الْجَنَّةَ الَّتِي أُسْكِنَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْخِلَافِ فِيهِ أَقَامَ بِهَا هُوَ وَزَوْجَتُهُ حَوَّاءُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَأْكُلَانِ مِنْهَا رغدا حيث شاآ فَلَمَّا أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَا عَنْهَا سلبا ما كانا فيه من

[1] سورة الاعراف الآية 172.
[*]
اسم الکتاب : البداية والنهاية - ط إحياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست