responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنباء في تاريخ الخلفاء المؤلف : ابن العمراني    الجزء : 1  صفحة : 133
أمير المؤمنين المهتدي باللَّه «340»
[هو] محمد بن الواثق ويكنى [أبا] عبد الله، وأمه أم ولد اسمها «قرب» .
وحين وصل من بغداد إلى سامراء فوافاها يوم الأربعاء تاسع وعشرين رجب سنة خمس وخمسين ومائتين وأرادوا أن يبايعوه في اليوم المقدم ذكره، قال: لا أفعل حتى أسمع بأذني خلع المعتز نفسه فالمثل السائر: «لا يجتمع فحلان في شول ولا سيفان في غمد» «341» ، فأدخلوه إليه فسلّم عليه بالخلافة وجلس بين يديه، فقالوا له: ارتفع، قال: لا ارتفع إلّا أن يرفعني الله بخلافته. ثم قال له: يا أمير المؤمنين خلعت أمر البرّية عن عنقك طوعا ورغبة، وكل من كانت لك في عنقه بيعة فهو بريء منها؟
فقال من الخوف: نعم! فقال: خار الله لنا ولك يا أبا عبد الله. ثم ارتفع حينئذ إلى صدر المجلس وبايعه الناس واستوزر أبا صالح جعفر بن احمد بن عمّار «342» .
وكان المهتدي زاهدا ورعا صوّاما قوّاما، لم تعرف له زلّة «343» . وكان سهل الحجاب كريم الطبع يخاطب أصحاب الحوائج بنفسه ويجلس للمظالم بنفسه. وكان يلبس القميص الصوف الخشن تحت ثيابه على جلده. وكان يقول: لو لم يكن الزهد في الدنيا والإيثار لما عند الله من طبعي لتكلّفته وتصنّعته فإن منصبي يقتضيه فإنّي خليفة الله في أرضه والقائم مقام رسوله النائب عنه في أمته، وإني «344» لأستحي أن يكون لبني مروان عمر بن عبد العزيز وليس لبني العباس مثله وهم آل الرسول- صلّى الله عليه وسلم- وبه ألزم وإليه أقرب. وكان الناس [60 أ] يروون عن سفيان الثوري أنه كان يقول: «الخلفاء الراشدون خمسة، ويعدّ فيهم عمر بن عبد العزيز» «345» . ثم أجمع الناس في أيام المهتدي من فقيه ومقرئ وزاهد وصاحب حديث أن السادس هو المهتدي باللَّه.
واتفق أنه سمع يوما، وهو بأعلى القصر يشرف على الناس وهم لا يرونه، رجلا يقول لرجل: نصبت ميزاب سطحك في ملكي؟ بيني وبينك أمير المؤمنين، فسجد وبكى ورفع رأسه وقال: الحمد للَّه الّذي أرانى الدنيا هكذا، هذا والله قد طيّب عليّ الموت.

اسم الکتاب : الإنباء في تاريخ الخلفاء المؤلف : ابن العمراني    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست