اسم الکتاب : الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة المؤلف : الفقي، محمد كامل الجزء : 1 صفحة : 38
الحملة الفرنسية على مصر وأثرها الفكري مدخل
...
الحملة الفرنسية على مصر, وأثرها الفكريّ:
لما قدم نابليون إلى مصر استقدم معه طائفةً من العلماء المبرزين في شتى العلوم والفنون, وجمهرةً من الصناع البارعين؛ كي يحقق هؤلاء تاريخ مصر, ويدرسوا شتى حيواتها وتقاليدها وعاداتها ونيلها وتربتها, ويكشفوا عن آثار هذا القطر ومخلَّفَاته؛ ليهيئوا للحياة الجديدة ما تتطلبه من وسائل, وما تستلزمه الإقامة بمصر من مشروعات, وليسجلوا ما وصلت إليه نتائجهم في هذه البحوث؛ لتكون مادةً لمؤلفهم العظيم الذي كانوا ينوون أن يضعوه بعد خروج الحملة, وهو كتاب "وصف مصر"
وقد اتخذ الفرنسيون من دور المماليك الواقعة بالدرب الجديد في "الناصرية" مقرًّا لمرافقهم, وأقاموا بها مكتبةً ضخمةً تضم أسفارًا يطل عليها الفرنسيون وغيرهم من المصريين, وإذا دخلها أحد من الوطنيين رحبوا به, وأطلعوه على ما أراد من الكتب التي تدهش الأغرار, بما فيها من الرسوم البديعة, وفي جملتها رسمٌ للنبيّ -صلى الله عليه وسلم, ورسوم أخرى للخلفاء الراشدين, وغيرهم من الأئمة والأماكن المهمة، وكان في مكتبتهم هذه كتب عربية كثيرة.
ويقول الجبرتي: "ومن جملة ما رأيته في ذلك, كتابٌ يشتمل على سيرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم, وقد صوروا به صورته الشريفة على قدر علمهم وأخبارهم, ورأيت عندهم كتاب "الشفاء" للقاضي عياض, ويعبرون عنه بقولهم: "شفاء شريف" والبردة للبوصيري, ويحفظون جملةً من أبياتها, وترجموها بلغتهم[1].
ثم أقاموا المجمع العلميّ المصريّ في غضون السنة التي تمَّ لهم فيها فتح مصر, وكان مُؤَلَّفًا من ثمانية وأربعين عضوًا أخصى[2] فريق منهم في الرياضيات، وفريق آخر في الطبيعيات، وثالث في الاقتصاد السياسيّ، [1] تاريخ الجبرتي -2ص -24. [2] أخصى: تعلم علمًا واحدًا "قاموس".
اسم الکتاب : الأزهر وأثره في النهضة الأدبية الحديثة المؤلف : الفقي، محمد كامل الجزء : 1 صفحة : 38