قال: فرمى ابو جعفر بخاتمه، وقال:
قد وليتك ما وراء بابى، فادع أصحابك، فولهم.
قال: ان اصحابى لن يأتوك حتى يروك قد عملت بالعدل، كما قلت بالعدل.
ثم انصرف.
وسار ابو جعفر من البصره سنه ثلاث واربعين نحو الجبل حتى وافى مدينه نهاوند، وقد كان بلغه طيبها، فأقام بها شهرا.
ثم انصرف حتى اتى المدائن، فأقام بها بقية عامه ذلك، وعقد منها لخزيمه بن خازم على جميع طبرستان، حتى إذا آن أوان الحج خرج منها حاجا سنه اربع واربعين ومائه، ونزل الربذة [1] ، فلما قضى حجه انصرف، ولم يدخل المدينة.
وفي ذلك العام خرج عليه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب ع، الملقب بالنفس الزكيه، فوجه اليه ابو جعفر عيسى بن موسى بن على في خيل، فقتل رحمه الله، وخرج اخوه ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، فقتل رضوان الله عليهم.
موت ابى جعفر المنصور
وفي سنه ثمان وخمسين ومائه حج ابو جعفر، فنزل الابطح على بئر ميمون، فمرض بها، وتوفى غداه السبت، لست خلون من ذي الحجه.
فأقام الحج للناس في ذلك العام ابراهيم بن محمد بن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، وصلى على ابى جعفر عيسى بن موسى، فكانت خلافته عشرين سنه، وتوفى وله ثلاث وستون سنه، ودفن باعلى مكة. [1] الربذة قريه قرب المدينة المنوره، وبها قبر ابى ذر الغفاري، وقد خرجها القرامطة سنه 319 هـ.