ثم امر باثقاله، فحملت، وامر اصحابه، فركبوا، ثم ولى وجهه منصرفا نحو الحجاز، فحال القوم بينه وبين ذلك.
فقال الحسين للحر: ما الذي تريد؟
قال: اريد والله ان انطلق بك الى الأمير عبيد الله بن زياد.
قال الحسين: اذن والله انابذك الحرب.
فلما كثر الجدال بينهما قال الحر: انى لم اومر بقتالك، وانما امرت الا افارقك، وقد رايت رايا فيه السلامة من حربك، وهو ان تجعل بيني وبينك طريقا، لا تدخلك الكوفه، ولا تردك الى الحجاز، تكون نصفا بيني وبينك حتى يأتينا راى الأمير.
قال الحسين: فخذ هاهنا، فاخذ متياسرا من طريق العذيب [1] ، ومن ذلك المكان الى العذيب ثمانية وثلاثون ميلا.
فسارا جميعا حتى انتهوا الى عذيب الحمامات، فنزلوا جميعا، وكل فريق منهما على غلوه [2] من الآخر.
ثم ارتحل الحسين من موضعه ذلك متيامنا عن طريق الكوفه حتى انتهى الى قصر بنى مقاتل، فنزلوا جميعا هناك، فنظر الحسين الى فسطاط مضروب، فسال عنه، فاخبر انه لعبيد الله بن الحر الجعفى، وكان من اشراف اهل الكوفه، وفرسانهم.
فأرسل الحسين اليه بعض مواليه يأمره بالمصير اليه، فأتاه الرسول، فقال:
هذا الحسين بن على يسألك ان تصير اليه.
فقال عبيد الله: والله ما خرجت من الكوفه الا لكثرة من رايته خرج لمحاربته [1] العذيب: تصغير العذب، ماء على يمين القادسية، بينه وبين القادسية اربعه اميال، منه الى مفازة القرون في طريق مكة. [2] الغلوة قدر رميه بسهم.