وبعث زياد بثلاثة نفر من الشهود، ليشهدوا عنده بما فعل حجر واصحابه، منهم ابو برده بن ابى موسى، وشريح بن هاني الحارثى، وابو هنيده [1] القينى.
فاتوا معاويه، وشهدوا عليهم بحصبهم عمرو بن حريث، فامر معاويه بهم، فقتلوا، فدخل مالك بن هبيرة على معاويه فقال: يا امير المؤمنين، اسات في قتلك هؤلاء النفر، ولم يكونوا أحدثوا ما استوجبوا به القتل. فقال معاويه: قد كنت هممت بالعفو عنهم الا ان كتاب زياد ورد على يعلمني انهم رؤساء الفتنة، وانى متى قتلتهم اجتثثت الفتنة من أصلها.
ولما قتل حجر بن عدى واصحابه استفظع اهل الكوفه ذلك استفظاعا شديدا، وكان حجر من عظماء اصحاب على، وقد كان على اراد ان يوليه رياسه كنده، ويعزل الاشعث بن قيس، وكلاهما من ولد الحارث بن عمروا آكل المرار [2] ، فأبى حجر بن عدى ان يتولى الأمر والاشعث حي.
فخرج نفر من اشراف اهل الكوفه الى الحسين بن على، فاخبروه الخبر، فاسترجع وشق عليه، فأقام أولئك النفر يختلفون الى الحسين بن على، وعلى المدينة يومئذ مروان بن الحكم، فترقى الخبر اليه، فكتب الى معاويه يعلمه ان رجالا من اهل العراق قدموا على الحسين بن على رضى الله عنهما، وهم مقيمون عنده يختلفون اليه، فاكتب الى بالذي ترى.
فكتب اليه معاويه: لا تعرض للحسين في شيء، فقد بايعنا، وليس بناقض بيعتنا ولا مخفر ذمتنا.
وكتب الى الحسين: اما بعد، فقد انتهت الى امور عنك لست بها حريا، [1] في نسخه: هبيده. [2] المرار: شجر مر، وآكل المرار كان في نفر من اصحابه في سفر، فأصابهم الجوع، فاما هو فأكل من المرار حتى شبع ونجا، واما اصحابه فلم يطيقوا ذلك حتى هلك اكثرهم.