ابن حسان البكرى، وأزال مسالحكم عن مواضعها، وقتل منكم رجالا صالحين، وقد بلغنى انهم كانوا يدخلون بيت المرأة المسلمه والاخرى المعاهده [1] فينزع حجلها [2] من رجلها، وقلائدها من عنقها، وقد انصرفوا موفورين، ما كلم رجل منهم كلما، فلو ان أحدا مات من هذا أسفا ما كان عندي ملوما، بل كان جديرا، يا عجبا من امر يميت القلوب، ويجتلب الهم ويسعر الأحزان من اجتماع القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، فبعدا لكم وسحقا، قد صرتم غرضا، ترمون ولا ترمون، ويغار عليكم ولا تغيرون، ويعصى الله فترضون، إذا قلت لكم سيروا في الشتاء قلتم كيف نغزو في هذا القر والصر [3] وان قلت لكم سيروا في الصيف قلتم حتى ينصرم عنا حماره القيظ، وكل هذا فرار من الموت، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون فأنتم والله من السيف افر، والذى نفسي بيده، ما من ذلك تهربون، ولكن من السيف تحيدون، يا اشباه الرجال ولا رجال، ويا أحلام الأطفال وعقول ربات الحجال، اما والله لوددت ان الله أخرجني من بين أظهركم وقبضنى الى رحمته من بينكم، ووددت ان لم أركم ولم اعرفكم، فقد والله ملأتم صدري غيظا، وجرعتموني الأمرين أنفاسا، وافسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان، حتى قالت قريش: ان ابن ابى طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب. لله ابوهم، هل كان فيهم رجل أشد لها مراسا واطول مقاساه مني؟ ولقد نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها انا ذا اليوم قد جنفت الستين. لا، ولكن [لا راى لمن لا يطاع.
] فقام اليه الناس من كل ناحيه، فقالوا: سر بنا، فو الله لا يتخلف عنك الا ظنين. فامر الحارث الهمدانى بالنداء في الناس ان يصبحوا غدا في الرحبه [4] ، ولا يأتينا الا صادق النيه.
فلما اصبح صلى الغداة، واقبل الى الرحبه، فلم ير فيها الا نحو من ثلاثمائه [1] هي التي لها عهد من اهل الذمة.، [2] الحجل بالكسر الخلخال. [3] القرو الصر شده البرد. [4] الرحبه: مدينه موقعها على الفرات الأوسط.