وكان بين مهبط آدم عليه السلام وبين الطوفان وفور الماء أربعون يوما، فأمر نوح أن تفتح أبواب السفينة، ثم أرسل الغراب لينظر له فمضى ولم يعد اليه، فدعا عليه أن يكون مباعدا، وأن يكون رزقه في الخوف.
ثم ارسل الحمامة فرجعت وقد انصبغت رجلاها بالطين، فدعا لها أن تكون إلفا لبني آدم ومنقارها ورجلاها مصبوغة من يومئذ، ولم تكن كذلك قبل ثم أرسلها بعد أيام فرجعت وفي مناقرها ورقة خضراء من الزيتون، وقيل كانت من عشب الأرض.
وفي التوراة أن الأرض جفت في سبعة وعشرين من الشهر الحادي عشر، ولما تغيب الماء ووقفت السفينة على الجودي أوحى الله تعالى آلى نوح عليه السلام أن يخرج من السفينة هو ومن معه، فأخرج البهائم والهوام.
وقالوا هم الاسد أن يعبث في السفينة فصاح به نوح عليه السلام، فألقى الله الحمى في جسده، وأن النجو آذاهم فلطم الفيل فعطس خنزيرا، فالتقط ذلك النجو [فهو] يعيش منه، وأن الفأر أذاهم فلطم الأسد فعطس هراً.
ونزل نوح عليه السلام من السفينة وبنوه سام وحام ويافث ويحطون، وهو الذي ولد له في السفينة، ولما خرجوا ليستقروا على الارض بنوا قربة سموها سوق ثمانين فسكنوها، فقال لهم الله اكثروا واملأوا الأرض واعمروها فقد باركت فيكم، ورفعت اللعنة عن الأرض، وآذنت بركاتها وأخرج ثمرها وكلوا مما رزقناكم حلالاً طيباً، واجتنبوا الأوثان والميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق.
ووجه نوح التابوت الذي فيه جسد آدم عليهما السلام الى غار الكنز بمكة
فدفن فيه.
ولما كثر ولد نوح عليه السلام قسم الأرض بينهم، فدب إبليس اليهم ليرمي بينهم العداوة والبغضاء فقال لبني حام ويافث إن اباكم أعطى ساما وولده خير