الأرض، وما عملوه من عجائب الأعمال، وشيدوه من عجائب البلدان [1] ووصفوه من الآلات المستطرفة والطلاسمات [2] المستعملة، وما بنوا من هياكلهم، وأودعوه نواويسهم، وزبروه على أحجارهم.
على حسب ما نقل إلينا من ذلك.
ونبدأ بما جاء من الآثار الشرعية، والملة الحنيفية، ثم نذكر ما روي عن الحكماء الأول المتقدمين، وبالله أستعين، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وقد سميت كتابي هذا بكتاب [تاريخ] (أخبار الزمان ومن [3] أباده الحدثان وعجائب البلدان والغامر [4] بالماء والعمران) فأنا أقول: " أما بعد " فان الله جل جلاله، وتقدست أسماؤه، خلق خلقه من غير
ضرورة كانت منه إلى خلقهم، وأنشأهم من غير حاجة كانت منه إلى إنشائهم.
بل خلقهم ليعبدوه، فيجود عليهم بنعمه ويحمدوه، فيزيدهم من فضله فيشكروه ويمجدوه.
كما قال عزوجل (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد ان يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) فلم يزده خلقه إياهم وإيجادهم مثقال ذرة، ولم ينقصه إفناؤهم وإعدامهم وزن شعرة، لأنه سبحانه لا تغيره الأحوال، ولا يدخله الملال، ولا تتقاضى سلطانه الأيام والليال.
بل خصهم بأسماع وأبصار، وعقول وأفكار.
يصلون بها إلى الحق والباطل، فيعرفون بذلك المنافع والمضار.
وجعل لهم الأرض بساطاً، ليسلكوا منها سبلاً فجاجا، والسماء سقفاً محفوظاً.
أنزل منها الغيث المدرار، والأرزاق بمقدار، وأجرى لهم فيها قمر الليل وشمس النهار.
يتعاقبان لمصالحهم دائبين.
وجعل لهم الليل سكنا،
1) في ت: البنيان.
2) ت: الطلسمات.
3) في ب: وما أباده وهو خطأ عربية وغير موافق لما ينقله
في كتبه، وفي ت: وما أباد.
4) ت: والناس.
(*)