وحملته الشياطين على أعناقها اليه، فلما رآه ورأى حكمة بنائه، وزخرفة حيطانه، وما فيها من النقوش وصور الأفلاك، وغير ذلك من العجائب، وكانت المصابيح تسرج فيه، وتنصب فيه موائد يوجد عليها من كل الأطعمة، ولا يرون من يعملها، وكذلك لا إنس به.
وفي وسط القصر بركة من ماء جامد الظاهر ترى حركته من وراء ما جمد منه، وأشياء كثيرة من هذا المعنى، وإن كانت تنبو عنها العقول.
فاعجبه ما رأى ورجع الى مصر فاستخلف ابنه عرباق [1] وأوصاه بما يوجب له الملك وولده على مكانه، ورجع هو الى ذلك القصر، وأقام به حتى هلك هناك.
واليه تعزى مصاحف القبط، التي فيها تواريخهم.
قونية الكاهنة
وفي مصاحف القبط أنها كانت تجلس على عرش من نار، فاذا ما احتكم إليها الرجل، وكان صادقا شق [2] على النار حتى وصل اليها ولم تضره.
وكانت تتصور عليهم في أشكال كثيرة من الصور، إذا شاءت [3] ثم بنت لنفسها قصراً واحتجبت فيه عن الناس، وجعلت حيطانه من نحاس مجوفة، وكتبت على كل أنبوب فيها من الفنون التي يتحاكم اليها فيه فكان الذي يتحاكم اليها يأتي إلى الأنبوب الذي كتب عليه ذلك الفن، فيتكلم بما يريده، ويسأل ذلك ما قصد له بصوت خافض غير عال، فاذا فرغ من
1) في ت: عريان.
2) في ت: خاض النار.
3) ت: كيف شاءت.
أخبار الزمان م (9) (*)