من المشركين، وعلى أن يتعاوروا [1] ، ولا يتحاربوا، فإن بدأ أحد منهم بالغارة [2] على صاحبه أو حاربه أو حارب من كان في حيّزه وعقده فقد حلّ قتله وقتاله ولا أمان له ولا عهد لما خالف ذلك، ففعلوا ذلك. وارتحل نصر من خندقه ومن كان معه، وكذلك علي بن الكرماني، وأقام شيبان في خندقه، وخلت الطرق لأبي مسلم وسهل السبيل لمن أراد اللحوق [146 أ] به، فانجفل الناس إليه، وجعل علي يمدّه بالرجال، ويقوّيه بالسلاح ويستر عليه، حتى غلظ أمره واستكثف من كان معه. ثم إنّ كاملا [3] أشار على أبي مسلم أن يستمدّ ويستنهض عدة من ناحية الطالقان وبلخ ومروالروذ، ففعل، وأقبل عمرو بن أعين في ألف وخمس مائة رجل من الطالقان، وأقبل عبد الله بن شعبة من مروالروذ في ألف رجل ومعهم دوابّ ومواش من غنائم مروالروذ. وبلغ ذلك نصر بن سيّار، فبعث إلى شيبان: قد أظلك قوم قد وتروك، وقتلوا بعض أصحابك، فلو بعثت إليهم من يقاتلهم، وتجمع أهل الرستاق الّذي نزلوه عليهم، رجوت أن تدرك بغيتك، وتقطع قرنا من قرون الفتنة. فشاور أصحابه فقال بعضهم: ما يؤمنك ان تبعث خيولك إليهم أن يغدر بك نصر، فتأتيك خيوله، وأنت خلو من أصحابك فلا يكون لك مانع، وقال بعضهم: ما لنصر لا يبعث إليهم دونك، فأمسك شيبان عن البعثة إليهم. وبلغ أبا مسلم مراسلة نصر شيبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: بلغني أن هذا الفاجر أراد البعثة إلى إخواننا، وحمل شيبان على ذلك، وأنهم إن فعلوا قصدنا لنصر دونهم ومن معهم، ففي الظفر بهم [1] التعاور التناوب، ويجوز أن يكون النص «على ألا يتغاوروا» ، أي لا يغير بعضهم على بعض. [2] الأصل: «الغار» . [3] في الأصل: «كامل» .