حتى جلس في الناس، وجعل الناس يسألونه ويجيبهم بمثل جواب ابن عبّاس، فقال ابن جبير: الحمد للَّه الّذي لم يمتني حتى أراني رجلا من ولد ابن عبّاس يفتي بفتواه. فلمّا وجّه الحجاج في طلبه، قال له محمد بن علي: اختر مني واحدة من ثلاث: إن شئت مضيت بك إلى أبي محمد وقد عرفت مكانه من عبد الملك فآخذ لك أمانا، قال: [73 أ] لا أريد هذا. قال: فإنّ هؤلاء على سوء رأيهم ما هتكوا لنا حجابا قط فادخل مع نسائي فإنّهم لن يتعرّضوا لك، قال: ولا أريد هذا. قال: فهاتان راحلتان وألف دينار وهو كلّ ما أملكه على وجه الأرض فخذه والحق بأي الأرض شئت، قال: لا، ولا أريد هذا. قال: فما تريد؟ قال: تسأل أن تفتح [1] لي الكعبة حتى أدخلها فأوخذ من أعظم حرمة من حرمات الله، فبعث إلى الحجبي وكان صديقا له، ففتح له الكعبة فدخلها، فأخرج منها.
عمر بن شبّة قال: حدّثني يعقوب بن القاسم الطلحي قال: حدّثني عمرو بن معاوية بن صفار بن حميد بن رافع السلمي قال: سمعت محمد بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس يسأل محمد بن سيرين: ما سمعت في ولايتنا؟
قال: تسألني والعلم يرجع إليك؟ قال: فإنّه سيليها عدّة من ولدي. قال:
أين؟ قال: ببلادك وبلاد أصحابك. قال: ثمّ ماذا؟ قال: هو ذاك ما عمّروا ديارهم وأكرموا أنصارهم. [1] في الأصل: «أن يفتح» والتصويب من كتاب التاريخ ص 245 ب.