اسم الکتاب : السلوك الروحي ومنازله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 13
وهكذا أخبر الله تعالى أن الإخلاص شريعة إلهية في كل
الأديان، قال تعالى: {وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ
بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)}
(البينة)
وأشار إلى أن سبب وقوع المنافقين في النفاق فقدانهم
للإخلاص، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ
النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا
وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِالله وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأولئك مَعَ
الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ الله الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146)}
(النساء)
بل إن الله تعالى يعتبر فقدان الإخلاص شركا، قال
تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)} (الكهف)
وبناء على هذا؛ فإن كل الأحاديث التي ترغب في
الإخلاص، أو تعتبره ركنا من أركان الدين، أو شرطا من شروط قبول أي عمل، أحاديث
مقبولة .. ومثلها تلك الأحاديث التي ترهب مما يضاد الإخلاص، وهو الرياء أو العجب
أو غيرها من الشوائب المفسدة للإخلاص، والتي وردت النصوص الكثيرة على اعتبارها
شركا.
ذلك أن الإخلاص هو تخلص الأعمال والأحوال والمواقف
وكل ما يبرز من النفس من كل شائبة تحول بينها وبين التوجه الصادق إلى ربها، مثلما
يتخلص اللبن من كل الشوائب التي مر عليها، كما قال تعالى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ
وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)} (النحل)، فخلوص اللبن أن
لا يكون فيه شوب من الدم والفرث ومن كل ما يمكن أن يمتزج به .. وهكذا الإخلاص فإن
فرثه ودمه هو الإشراك، فمن ليس مخلصاً فهو مشرك.
أولا ـ ما ورد في الأحاديث النبوية:
اسم الکتاب : السلوك الروحي ومنازله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 13